ملف المرفأ وتعقيداته يبحثان عن خاتمة سنة 2026
انفجار المرفأ ( صورة خاصة بكافيين دوت برس)
ملف المرفأ ينتقل الى السنة الجديدة بكثير من التساؤل في شأن زمان الإنتهاء من مهمة قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، وإصداره قراره الاتهامي لمقتضيات تتصل بهذا الملف لجهة الاستنابات القضائية التي كان أصدرها منذ آب الماضي ، ولا تزال الأجوبة عنها بلا صدى. وكذلك هناك عقَد ناشئة عن الملفات التي تفرعت عن هذه الجريمة، ولا تزال عالقة امام القضاء، من طلبات ردّ ودعاوى مخاصمة، الى دعوى إغتصاب سلطة بوجه المحقق العدلي، وهو بصفته هذه غادر الى بلغاريا بهدف الاستماع الى مالك السفينة التي نقلت شحنة النيترات أمونيوم، المحتجز الروسي إيغور غريتشوشكن، الذي التزم بالصمت، وامتنع عن الادلاء بإفادته في حضور المحقق العدلي البيطار الذي عاد الى لبنان .
هي المرة الاولى التي يغادر فيها القاضي البيطار لبنان منذ صدور قرار بمنع سفره في 25 كانون الاول 2023 ، لتداعيات دعوى إغتصاب سلطة المقامة بوجهه من النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات.وجاء توقيف غريتشوشكن في بلغارياً مدخلًا لإسقاط هذا القرار تقنيًا عبر النيابة العامة التمييزية، المعنية بتنفيذ هذا الإجراء الروتيني، ورفع إشارة منع السفر لدى جهاز الامن العام، ما اتاح للقاضي البيطار السفر للقيام بواجبه لإستجواب غريتشوشكن. اما وقد إمتنع الأخير عن الكلام، فهو مارس في التزام الصمت حقًا من حقوق الدفاع الممنوحة لأي موقوف في القوانين الاوروبية في الغالب، تمامًا،كما حال القانون اللبناني الذي يرعى هذا الحق في مراحل التحقيق على درجاتها،وكذلك خلال المحاكمة.
ويُحظّر القانون إرغامه على الكلام، مثلما ان صمته لا يعني تبرئته او عدم امكان اتهامه في القرار الاتهامي في حال توافر قرائن بحقه في الملف. وانتهاءً، والى ان تبت محكمة الاستئناف في بلغاريا طلب تسليم غريتشوشكن المقرر هذا الاسبوع، يبدو واضحًا من رأي محكمة الدرجة الاولى،التي رفضت تسليمه الى لبنان، ثم محاولة القاضي البيطار استجوابه في صوفيا، فالتزام الموقوف بالصمت، بعد ان كان أدلى بإفادة اولية، عام 2020 في قبرص امام فريق تحقيق امني،كلها عوامل يُستبعد معها تسليمه الى لبنان. ويتوقف مصير غريتشوشكن على قرار محكمة الاستئناف، لجهة تقرير إطلاقه بعد إحتجازه منذ ايلول الماضي، على ان تبقى الاشارة الحمراء سارية المفعول ، بحسب مرجع قانوني، بموجب مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة عن التحقيق العدلي اللبناني، وتحولّت الى دولية بعد تعميمها على الانتربول الدولي قبل خمسة أعوام. وثمة سؤال مطروح عن ما سيتضمنه القرار القضائي البلغاري لجهة تسليمه الى روسيا منشأه او الى قبرص الدولة التي يحمل جنسيتها؟.
وسؤال آخر يطرح نفسه عن المسار الذي سيعتمده القاضي البيطار في السنة الطالعة، فيما الإطار المحيط بملف التحقيق لا يزال يراوح مكانه. فالاجوبة عن الاستنابات التي كان اصدرها الى الخارج، وتتصل بشحنة الامونيوم، لم ترد بعد، فهل يختم التحقيق في الملف ويصرف النظر عن هذه الاجوبة؟. ويحيل الملف على النيابة العامة التمييزية ليبدي القاضي جمال الحجار المطالعة في الأساس توطئة ليصدر المحقق العدلي القرار الاتهامي؟. هذا التوجه مستبعد راهنًا، وفق مصادر متابعة.
كما هناك الملف المتفرع عن دعوى إغتصاب سلطة، المقامة على حدة من القاضي عويدات والنائب علي حسن خليل بواسطة وكيله المحامي سامر الحاج، وكذلك شكوى المدير العام السابق للجمارك بدري ضاهر بتوقيف تعسفي، وينظر قاضي التحقيق حبيب رزق الله في كلتيهما.جديدهما تحديد جلسة في صددهما في 18 كانون الثاني المقبل، بنتيجة مطالعة فرعية للنائب العام التمييزي، ليحال من ثم هذا الملف عليه من جديد بعد انتهاء هذه الجلسة، ويبدي مطالبه في مطالعته الرئيسية في الدعويين.ويكون بذلك الشهر الاول من السنة الجديدة قد استنفد، ريثما يصدر قرار القاضي مزهر في صددهما. وفي المقابل يبقى امام القاضي الحجار ثلاثة أشهر لبلوغه السن القانونية في اواخر نيسان المقبل وإحالته على التقاعد.ويُفترض انه بصفته مدعيًا عامًا عدليًا ان يضع المطالعة في الاساس في ملف المرفأ تعبيدًا للطريق أمام صدور القرار الاتهامي في هذه الجريمة.
وأخيرًا هناك مصير دعاوى المخاصمة وطلبات الردّ العالقة امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وأمام محكمة التمييز أيضاً، وهي على صلة بالمحقق العدلي ومقامة بوجهه. ولم يصدر أي قرار عن أي منهما حتى الآن.
واستطرادًا ثمة خيط رفيع ربما بين هذه الدعاوى وطلبات الردّ وبين تلك العالقة امام القاضي رزق الله من المنظار القانوني رغم اختلاف الطرحين. فصدور قرار عن الهيئة العامة في واحدة من هذه المراجعات امامها قد ينعكس على دعوى إغتصاب سلطة. سواء جاء هذا القرار برفض دعوى المخاصمة او طلب ردّ. وفي حال العكس وردّ القرار المحقق العدلي تكون هذه المسألة العالقة انتهت بتغييره بمعزل عن نتيجة دعوى إغتصاب سلطة.
وفي هذا المجال يذهب قانونيون الى الفصل بين دفتي هذه الدعاوى المتفرقة العالقة. وفي رأيها ان دعوى اغتصاب سلطة نشأت بعد تقديم المراجعات العالقة امام الهيئة العامة ومحكمة التمييز، وكان القاضي البيطار محققًا عدليًا عند تقديمها ويستمر بهذه الصفة لحين صدور قرار يُعاكس هذه الصفة او تبقيها نتيجته قائمة. علمًا أنه عندما جرى تقديم دعوى اغتصاب سلطة، لم يكن صدر أي قرار عن الهيئة العامة في شأن أي من هذه المراجعات، لعلة عدم توافر الاكثرية لعقد جلساتها بسبب الشغور في المراكز القضائية الأصيلة في حينه زمن الفراغ الرئاسي. فهل يقتضي حل إحدى هذين النزاعين لعودة الحياة الى الملف الأساس؟. او ان ثمة اسبابًا قانونية يتعين معها حل إحداها قبل الأخرى؟.
وبعد، هذا الواقع يُشكل عائقًا امام تقدم ملف المرفأ، الى جانب غياب الأجوبة عن الاستنابات القضائية. ومنطقيًا لا بد ان تتفكفك في السنة الجديدة السادسة على هذه الجريمة.