ملامح انتخابيّة اوليّة في بعلبك الهرمل
تتجه الأنظار إلى محافظة بعلبك الهرمل بصفتها واحدة من الساحات التي تنتظر منازلة إنتخابية كُبرَى بين القوى السياسية المتنوعة في المنطقة وأبرزها الثنائي الشيعي بطرفيه " حركة أمل " و " حزب الله " من جهة والقوات اللبنانية وحلفائها من جهة أُخرَى .
في الإنتخابات الماضية وضع الثنائي الشيعي إستراتيجية قامت على رفع الحاصل الإنتخابي لتصعيب المهمة على خصومه، بينما إعتمدت القوات اللبنانية في المقابل على مجموعة من التحالفات مع شخصيات شيعية مستقلة تقدمها الشيخ عباس الجوهري، الذي ترأس اللائحة التي ضمت عن المسيحيين الدكتور أنطوان حبشي كمرشح حزب القوات اللبنانية والدكتور إيلي بيطار كمرشح مستقل متحالف مع القوات ومجموعة من المرشحين الشيعة والسنة .
بحسب توصيف النائب حسين الحاج حسن فإن "الانتخابات النيابية المقبلة هي جزء من المعركة المقبلة. هناك قوى غربية وعربية تتدخل في هذا الإستحقاق بهدف إضعاف الثنائي الوطني وحلفاءه والمقاومة".
باكرًا وضع الحزب خطابه المقبل للإنتخابات معتبرًا إياها جزءًا من المواجهة الكبرى لمشروع المقاومة الذي يمثله، وبعلبك الهرمل خزان شعبي أساسي للثنائي. بعض الأوساط السياسية في المنطقة ترى أن ما يتوجس منه الثنائي في الإستحقاق المقبل قدرة بعض المجموعات الشبابية الشيعية التي غردت بعيدًا عنه في بعض القرى بالإنتخابات البلدية اخيرًا، أو التي عملت مع منظمات وجمعيات دولية لمساعدة النازحين على تشكيل حالة شعبية مناهضة للحزب. ويتسلل من خلالها الخصوم لإختراق البيئة التي يحرص الثنائي، على إبقاء حصرية تمثيله لها صافية للإبقاء على مشروعية خطابه. لا وجود لأسماء متداولة في الساحة الشيعية في ظل حرص دائم من الثنائي على عدم استثارة العشائر الكبيرة كآل شمص وزعيتر وجعفر والمقداد التي تشكل حالات شعبية كبيرة لا يستطيع تخطيها .
اما على الصعيد السنيّ وبعد إعتكاف الرئيس سعد الحريري سادت حالة من الفراغ استطاع الحزب أن يستثمرها لمصلحته في الانتخابات الماضية في قرى سنيّة كبيرة أبرزها عرسال. المجتمع السني في المنطقة يشمل قوى أساسية مثل المستقبل والجماعة الاسلامية وعائلات وعشائر. والحالة السنية في بعلبك الهرمل تنتظر قرار تيار المستقبل الرسمي وقرار الشيخ بهاء الحريري العائد حديثًا، إلى العمل السياسي في لبنان حول الدخول المباشر في عملية تشكيل اللوائح وإنتقاء الأسماء كما فعل الرئيس فؤاد السنيورة في الانتخابات الماضية او الاكتفاء بمشاهدة المقاعد السنية تُملَأ في قطار الثنائي على غرار ما حصل أخيرًا. في الأسماء المتداولة يبرز إسم المرشح سميح عز الدين الذي ترشح وانسحب في المرة الماضية والذي اظهرت بعض الاستطلاعات تمثيله لحيثية شعبية في عرسال تستطيع المنافسة على احد المقاعد، كما أن هناك عائلات سنية كبيرة كآل الصلح والحجيري تفرض وجودها بقوة في أي مشهد انتخابي ببعلبك الهرمل .
على الضفة المسيحية ينحصر المشهد بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. تحافظ القوات على المقعد الماروني منذ العام ٢٠١٨ ويشغله النائب الدكتور انطوان حبشي فيما إستطاع التيار وبالتحالف مع الثنائي إنتزاع المقعد الكاثوليكي الذي ذهب للنائب الدكتور سامر التوم. ومصادر قريبة من التيار ترى ان امكان الحفاظ على هذا المقعد متوفر في حال تحالف التيار مع الثنائي. تتعدد الاسماء المتداولة في بورصة العونيين بالمنطقة للمقعد الكاثوليكي بين الابقاء على النائب سامر التوم او استبداله بالمرشح السابق روني نصرلله الذي نجح بالآلية الحزبية في المرة الماضية ولم يؤخذ على اللائحة على سبيل المثال لا الحصر، وسط ضياع في الخطاب السياسي للتيار الذي ينتقد سياسة الثنائي على صعيد البلد ويسعى للتحالف معهم في بعض الدوائر ومن ضمنها بعلبك الهرمل للحفاظ على المقعد النيابي.
في الصف الكاثوليكي أيضًا وعلى الضفة القواتية يبرز إسم رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر عضو الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية بصفته مرشحًا محتملًا للحزب شرط استقالته بموجب القانون قبل فترة من الانتخابات او الابقاء على التحالف مع الدكتور ايلي بيطار في ظل الاتجاه لحسم ترشيح الدكتور حبشي للمرة الثالثة على المقعد الماروني. علمًا ان حزب القوات اللبنانية يتميز بامتلاكه أكثر من ١٧ الف صوت من دير الاحمر الى القاع وهو ما يوّفر له الحفاظ على المقعد الماروني والمنافسة على المقعد الكاثوليكي والتأثير في مفاتيح المنافسة على بعض المقاعد الأخرى.
في الساحة المسيحية ببعلبك الهرمل تغيب احزاب مثل الكتائب التي تحضر بأعداد خجولة في قرى رأس بعلبك والقاع بينما يغيب المردة في شكل كامل .
اما الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تمثل سابقًا بالنائب الدكتور مروان فارس نفسه فيرى نفسه اليوم محاصرا" مع زميله حزب البعث بعد سقوط حليفهم الأساسي النظام السوري الذي كان يفرض وجودهما في اللوائح رغم محدودية تمثيلهما الشعبي.
عشرة مقاعد نيابية وأكثر من ٤٠٠ ألف صوت في بعلبك الهرمل موزعة بين ٦ شيعية و ٢ للسنة و ٢ للمسيحيين تنتظر إستحقاق عام ٢٠٢٦ على وقع الضربات الاسرائيلية التي لا تتوقف في جرود المنطقة في ظل تخوّف كبير من عودة الحرب في شكل واسع، فهل تقع الحرب قبل وقوع الأصوات في الصناديق؟.