الحشيشة مجددًا في البقاع : تنظيم زراعة القنّب يحوّلها من نقمة الى نعمة

الحشيشة مجددًا في البقاع : تنظيم زراعة القنّب يحوّلها من نقمة الى نعمة

يجلس حسين مقابل سهله المزروع في بلدة بوداي - بعلبك كطفل يحرس لعبته. يرى في نبتة الحشيشة مصدر رزقه عبر الكسب السريع والأموال الطائلة التي يجنيها". ويقول مفترشا الأرض بين نبتات الحشيشة " حطينا البنت بالجامعة واشترينا للصبي احلى رانج ".
 كل من يقصد سهل البقاع لا يفوته النظر إلى السهول الواسعة المزروعة بنبتة الحشيشة مما أعطى المنطقة شهرة واسعة في هذا المجال، توسعت هذه الزراعة وتطورت أكثر فأكثر في سنين الحرب الأهلية لتعود بعد إنتهائها، وتنحصر نسبيا" نتيجة تضييق الأجهزة الأمنية وملاحقاتها وعملية الإتلاف السنوية التي كانت تجري وتوقفت هذه السنة لإعتبارات، بعضها يتعلق بتساهل من الدولة نتيجة الظروف التي مرّ بها البلد وبتمنٍ من أختصاصيين تم تعيينهم في الهيئة الناظمة لزراعة نبتة القنب التي شكلت اخيرًا. اذ يرى هؤلاء ان التسامح مع المزارعين هذه السنة، قد يسهّل عملية الحوار والاقناع بفوائد التعاون مع الدولة.
 

حبشي : دورة اقتصادية كاملة

 نائب بعلبك - الهرمل الدكتور أنطوان حبشي كان احد النواب الأساسيين الموقعين على مشروع قانون تنظيم زراعة القنب للإستعمال الصناعي والطبي ،  يقول لـ"  كافيين دوت برس"  كل " الدراسات أثبتت ان تحويل هذه النبتة للإستعمال الطبي والصناعي يؤسس لدورة إقتصادية كبيرة على مستوى لبنان تدخل الأموال الى خزينة الدولة وتُحَرِّر المزارع من التاجر، وتسمح له بمدخول اكبر وتسمح بالإستثمار في المجالات الطبية والصناعية . توجد فرصة حقيقية من خلال هذا التشريع ، تعيين الهيئة الناظمة والمراسيم التطبيقية ومتابعة كيفية تطبيق القانون والإلتزام فيه في شكل صحيح أمر ضروري جدا"، برأي حبشي الذي يدعو زملاءه النواب والإعلام لمواكبة هذا التطبيق لأن النقزة من كيفية تعاطي الدولة تنفيذيا" مع هذه المسائل موجودة دائما" بلبنان . ويشير الى ان " اقتناع الناس ينبع من الجدوى الاقتصادية لهذا الموضوع ، عندما يجد المزارع نفسه قادرا" على ربح ٦ او ٧ أضعاف ضمن القانون، اكثر مما كان يجنيه خارجه مع التاجر، فسيجد مصلحته بالتأكيد مع الشركات المستثمرة ضمن إطار قانوني وهذا ما سيقنعه ويريحه".


 

النائب حبشي

 "كرمال مصلحة الوطن"

 حنا الذي يزرع الحشيشة في سهل دير الأحمر منذ الثمانينات ولدى سؤاله عن استعداده للتعاون مع الدولة يقول انه لا يثق بالدولة ولكنه لا يمانع بالتعاون معها في حال كان المردود يساوي ما يحصل عليه من خارج التشريع او اقل بقليل "كرمال مصلحة الوطن"، يقولها ممازحًا.
 من جهته يوضح  رئيس الحركة البيئية اللبنانية والمتخصص في زراعة القنب البروفوسور حسان مخلوف أن المسألة ليست في النبتة نفسها بل في الطريقة التي تُدار بها . نبتة القنب  cannabis sativa L ) )كانت في لبنان مصدر رزق لعشرات آلاف العائلات لكنها ارتبطت بالتهريب والملاحقات الأمنية فصارت تعتبر نقمة. أما اليوم فإن التشريع يعيد تعريفها من زراعة خارجة عن القانون الى قطاع اقتصادي شرعي. اذا  نُفذ المشروع بشفافية وعدالة يمكن أن تتحول النبتة  الى " نعمة " تشكل موردا ضريبيا ثابتا للدولة ، ومصدر عيش كريم للمزارعين ، ومجال استثمار في الصناعات الدوائية والتجميلية ونافذة لتنمية ريفية عادلة في البقاع. التشريع لا يغيّر النبتة في حدّ ذاتها بل يغيّر صورتها ومكانتها من رمز اجرامي الى قطاع طبي وصناعي يسهم في إنقاذ الإقتصاد".

البروفسور مخلوف
يضيف مخلوف وهو إبن بعلبك - الهرمل ان القنب غير الشرعي يُدخِل الى المنطقة اكثر من ٧٠٠ مليون دولار سنويا" وهذه الأموال تبقى خارج خزينة الدولة ، أما اذا جرى التنظيم فيمكن تحويل هذه الكتلة المالية إلى مداخيل رسمية. والتقديرات تشير الى ان لبنان يمكن أن يجني في السنوات الاولى بين ٣٠٠ إلى ٥٠٠ مليون دولار ، رسوم وضرائب، ومع الإستثمار في التصنيع والتصدير الطبي يمكن أن تصل العائدات الى اكثر من ذلك . الا انه حتى الآن لم يتم وبحسب قانون التشريع تحديد نوع القنب الذي تريد الدولة تشريعه وهذه نقطة مهمة جدا" برأي مخلوف لأنها تضع المزارعين في حالة ضياع . نوعية القنب اللبناني لديه ميزة تنافسية عالمية وهو من الأجود عالميًا، واذا دخلنا السوق الدوائية والتجميلية بطريقة منظمة يمكن ان نصبح لاعبًا رئيسيًّا  كما حصل مع كندا والمانيا، على امل أن لا نكون تأخرنا في اتخاذ الخطوات اللازمة في الاتجاه الصحيح". 

ابناء البقاع تعاملوا مع الدولة كشرطي لا كشريك فهي كانت تداهم وتتلف لكنها لم تبن مستشفيات ولا مدارس وجامعات . يُجمع كل من حبشي ومخلوف على دور الدولة وهي الأساس بتحويل هذه الزراعة من نقمة إلى نعمة .

اقرأ المزيد من كتابات بشير ي. مطر