ازمة المياه في البقاع : الاعتداءات تتفاقم والقرى العطشى تنتظر الله والدولة

ازمة المياه في البقاع : الاعتداءات تتفاقم والقرى العطشى تنتظر الله والدولة

بحيرة القاع وقد غابت عنها المياه

" قيل في الزمان المَيّ ما بتمرق على عطشان ، بس هلق نحنا وشجرنا عطشانين والمَيّ ما عم تمرق".

يتحسر  نخلة  المزارع من سهل الجديدة وهو يقول هذه الجملة أمام شجره الذي يكاد يَيبَس من قلة الرَيّ . فيما لم يزل العَمّ الثمانيني " عبدلله " من القاع يخرج كل يوم حاملا" مِعوَلِهِ ومُتَّكِلا" على "رحمة الله اللي عم نصَلّيلو كل يوم يبعتلنا الشتي" يقول عبدلله، وعلى الدولة التي يريدها أن تحمي حقوقه من مياه نبع اللبوة وقد إنقطعت عن البلدة وبالتالي عن بستانه . 

مشكلة المياه هي لسان حال أهل قرى البقاع بعد الشَحّ الكبير الذي ضرب لبنان جراء بدء جفاف الآبار الإرتوازية التي يَتَّكِل عليها أهل تلك القرى في شكل أساسي و كذلك إلانخفاض  الحاد في نسبة المتساقطات في موسم الشتاء ، وعدم السماح بحفر آبار جديدة أو "تعزيل" القديمة إلا ضمن شروط ومعايير حددتها وزارة الطاقة، في شكل يمنع العشوائية التي كانت سائدة والتي تؤثر مباشرة على الثروة المائية على المدى البعيد . 

في القاع ، زاد إنقطاع مياه نبع اللبوة الذي يروي البلدة تاريخيا مع عدد من " طين الجفاف بَلَّة . وعن هذه الأزمة الكبيرة تحدث رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر في إتصال مع موقعنا : "مؤخرا" أعلنت البلدية حالة الطوارئ على صعيد المياه .  وكانت البلدية قد انشأت بحيرة لتجميع المياه بتمويل من الإتحاد الأوروبي، والآن هناك بحيرة ثانية قيد الإنشاء وشبكة من القساطل البلاستيكية لجر المياه للبلدة ولكن من أين سنأتي بها إذا كانت لا تمطر والمياه مقطوعة عنا من جيراننا ؟؟". ويلفت مطر  الى أن البلدية  تتجه لعدة خطوات تنفيذية في هذا الإطار لتوجيه الناس نحو ترشيد إستعمال المياه أملا" بتزايد نسبة الأمطار في الشتاء المقبل بما يسمح لنا بإلتقاط النفس وتأمل الخير ، ولكن هذا ما نتأمله من الله بينما هناك عتب كبير على جيراننا الذين ما قصرّنا معهم يوما" لا في السلم ولا في الحرب، لأنهم وللأسف يقطعون عنا المياه في شكل متعمد وبهدف تهجيرنا وإن لم تكن هذه هي الحقيقة فهذا ما يحصل أمامنا كواقع وعليهم بتكذيبه بالأفعال وليس بالأقوال . لقد شبعنا أقوالا ووعودا، رغم أن بعض رؤساء البلديات ووجهاء بعض البلدات كان لهم موقف مشرف من هذه الأزمة ، والكثير من الأجهزة الأمنية من الجيش إلى امن الدولة قاموا بجهد كبير بالتنسيق والتعاون مع القضاء وبتكليف من مدعي عام البقاع القاضي منيف بركات الذي بذل جهدا" كبيرا" ولكن دون جدوى" . ويضيف" مياه نبع اللبوة هي حق تاريخي لنا إتَّكَل عليها أجدادنا لرَيّ أراضيهم والثبات فيها وبعد إنتهاء الحرب ، فُرِضَ علينا تعديل الإتفاقية بشكل يعكس إنتصار فريق على آخر في الحرب الأهلية المشؤومة ، تنازل أهل القاع عن ٤٨ % من حقوقهم بمقابل ان يبقى لهم ٥٢ % ويحصلوا عليها دون أي عراقيل وهذا لم يحصل . فالإعتداءات على الساقية التي تجر المياه للبلدة مستمرة".

ويسأل رئيس بلدية القاع " هل يعي هؤلاء المعتدين أن تهجيرنا من بلداتنا يعني ملء النازح السوري مكاننا  وهو الموجود بكثافة في سهولنا ؟ هل نرحل نحن ليسكن هؤلاء أرضنا، وكيف سيتعاملون آنذاك مع جيراننا الذين كانوا يركضون إلينا في كل إستحقاق إنتخابي لنقف معهم وملأوا الشاشات إشادة بتضامن أهل القاع معهم أثناء حرب الإسناد الأخيرة، والرئيس بري شخصيا" لم يفته شكرنا ، هل يدرون ماذا يفعلون ؟. وأسأل هنا الثنائي الشيعي بالذات الذي لا أصدق انه لا يمون ، لأن عدد المعتدين تجاوز الحالات الفردية وأصبح بالمئات، والشكوى التي قدمتها البلدية في هذا الإطار واضحة وتتضمن عدد كبير من أسماء هؤلاء . يقال" المي ما بتمرق على عطشان" وإذا كانوا يطبّقون هذه المقولة بحق فليقطعوا مياه العاصي التي تنبع من لبنان وتذهب الى سوريا التي لم تحترم إتفاقيتها معنا وهم يسكنون في البلدات التي يمر بها العاصي ، كيف تمر ّهناك ولا تمرّ عندنا  ؟".

 يختم رئيس بلدية القاع حديثه مجددا" الشكر للاجهزة الأمنية ولأعيان بعض القرى وعاتبا" على الجيران الذي يقطعون المياه عن بلدته وقد يبست البساتين والأشجار فيها فيما هم يتابعون زراعاتهم الموسمية في شكل عادي ، ويلفت إلى أن وزارة الطاقة قررت تشكيل لجنة تقنية للكشف على الساقية والنفق الذي يربط مياه النبع بالبلدة ، حيث يمكن ان تكون قد تعرضت لعملية زلزلة معينة أثناء القصف الإسرائيل". 

مسؤولية الدولة في ضبط التعديات

في المقابل يلفت رئيس بلدية النبي عثمان  أسامة نزهة  الى ان " بلدته مثلها مثل باقي قرى المحيط تعتمد على مياه نبع اللبوة ولكن بسبب قلة المتساقطات والشح تأثرت المزروعات ونمو الأشجار والمساحات المروية ، والدولة منعت حفر آبار جديدة .  اما بالنسبة الى مياه نبع اللبوة فقمسته وزارة الطاقة والموارد المائية وموزع على القرى بأنابيب. ونحن وقفنا إلى جانب بلدية القاع بشهادة رئيسها وتعاوننا سويا" عندما تم التعدي على حقها بالمياه لأننا كما نرفض أن يتعدى أحد على حقوقنا نرفض التعدي على حقوق الآخرين . أما مطالبنا فهي موحدة مع الآخرين من جهة حفر آبار جديدة وتعزيل القديمة منها لكي تحيي الناس أرزاقها من جديد" . واضاف "  بالنسبة الى مياه الشفة هناك حالة من الإستقرار بسبب بئر المياه ولكن هناك مسؤولية تقع على عاتق مؤسسة المياه لضبط التعديات إذ ان البعض وبنتيجة الشح عمد لسحب المياه منه لري مزروعاته ، نتأمل خيرا" في الشتاء المقبل وإلا نحن ذاهبون إلى التصحر الذي لطالما قَلَّلنا منه عندما كان يتم الحديث عنه ولكن ما رأيناه السنة الفائتة مخيف".

مد القساطل

النزوح السوري وضغط الحاجة

من جهتها قالت مدير عام مؤسسة مياه البقاع السيدة بولا حاوي  ردا" على سؤال إذا كان هنالك من حلول تنوي المؤسسة العمل عليها في ظل شح الأمطار وجفاف الآبار "  أنهم يعملون على حلول قصيرة المدى أبرزها إصلاح الشبكات لتقليل الهدر وتشغيل آبار بديلة وإصلاح القابلة منها وتوسيع الإعتماد على الطاقة الشمسية لتأمين الضخ إضافة لمتابعة مشاريع قيد الإحياء مع مجلس الإنماء والإعمار لتأمين مصادر بديلة ومستدامة". 

واكدت "  أن النزوح السوري شَكَّلَ ضغطا" كبيرا" على البنى التحتية المهترئة أصلًا ، وزاد من الطلب على المياه في منطقة زراعية بأمسّ الحاجة إلى استقرار الموارد. لذلك نعمل على تجديد الشبكات، وإدخال حلول لإعادة استخدام المياه المعالجة للزراعة، وتقوية المصادر البديلة واعادة تأهيل المياه السطحية والينابيع بهدف التخفيف من الاستنزاف وحماية المزارعين". 

وعن إنتظام الجباية في منطقة غابت عنها الدولة لأعوام خلت وعانت من الحرمان والأزمة الإقتصادية اجابت حاوي :" رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، نحرص على استمرارية المؤسسة والخدمة . لذلك قمنا بخطوات عملية أهمها قمع المخالفات، إشراك سيدات في أعمال الجباية لتأمين حضور متوازن في كل القرى، وزيادة عدد الاشتراكات. هذه الإجراءات ساهمت في تحسين التحصيل، ومع المشاريع الجارية نتوقع انتظامًا أكبر في المرحلة المقبلة".


مشروع انشاء بحيرة جديدة

اقرأ المزيد من كتابات بشير ي. مطر