قانون استقلال القضاء أمام عون ثانية أما آن الأوان الانتقال للحوكمة ؟

قانون استقلال القضاء أمام عون ثانية أما آن الأوان الانتقال للحوكمة ؟

اول الملاحظات المعترضة على قانون تنظيم القضاء العدلي في صورته النهائية، الذي أقره مجلس النواب، بعدما اعاده رئيس الجمهورية جوزف عون الى السلطة التشريعية لاعادة النظر فيه، أعيد مرة ثانية الى الرئيس عون لتوقيعه. فقد ارتكب مجلس النواب مخالفة دستورية جوهرية، في نظر قانونيين كبار، بعدم عرض مشروع القانون المعدًل بصيغته الجديدة على مجلس القضاء الاعلى لإبداء ملاحظاته عليه. وقد عبّر المجلس في بيانه تعقيبًا على إقرار هذا القانون عن هذه الناحية بعدم الاخذ بملاحظاته التي"ابداها على مراحل متعددة، ولأكثر من مرة، وارسلها الى المراجع المختصة". وأخذ في بيانه على تضمين هذا القانون " عددًا من الاحكام التي من شأنها ان تؤثر سلبًا على حسن سير عمل القضاء، منها بعض المعايير المعتمدة في تأليف مجلس القضاء الاعلى، وكيفية الطعن في قراراته، وآلية اختيار القضاة المتدرجين، ومنها ما هو متعلق بالتفتيش والتقييم القضائيين".

إعتراض رأس السلطة القضائية ممثلًا بمجلس القضاء الاعلى، يراه هؤلاء، في  تجريد هذا القانون مجلس القضاء من صلاحياته، وحوّله ورئيسه الى سلطة صورية، ابتعد في بعضها عن الحوكمة الى المحاصصة. ويمكن استنتاج نزع هذه الصلاحيات في محطات ثلاث. يتّصل اولها  بطريقة تعيين اعضاء في مجلس القضاء وجعل مجلس الشورى المرجع الاخير في بتّ الطعن المقدم أمامه من المعترض على عدم تعيينه في العضوية، وكذلك لحظ دوره في اقرار النظام الداخليّ . وثانيها صحيح انه قلّص صلاحية وزير العدل في اقرار التشكيلات القضائية، انما نَقل هذه الصلاحية الى مجلس شورى الدولة، وجعله قيّمًا على مجلس القضاء في هذه العملية، وافسح في المجال حق الطعن لكل قاض غير راض على المركز الملحوظ له في هذه التشكيلات في مؤسسة تحتضن عددًا قليلًا من القضاة، ما يدخلها في شربكة قد لا تنتهي، وتعيق صدورها، ريثما يصدر قرار الطعن. وفي انتظار بتّ الطعن  هل يتوقف القاضي عن المركز المعيّن فيه بموجب هذه التشكيلات؟. وفي حال إلتحاقه بمركزه ماذا سيكون عليه مصير القرارات التي يصدرها في الفترة الفاصلة عن صدور الطعن ؟. وهل ستكون هذه القرارات معرّضة للإبطال؟. كل ذلك قبل ان تنتقل التشكيلات الى السلطة السياسية لإقرارها بمرسوم، وتحت رحمة صدوره،رغم ان التجارب السابقة لم تكن مشجعة على هذا الصعيد، فتشكيلات عدّة وُضعت في الادراج السياسية، ولم تبصر النور إن من الحكومة او من رئيس الجمهورية او من الوزير المختص.

     وثالث هذه الملاحظات بجعل القانون المقّر مجلسًا رديفًا لمجلس القضاء في مسألة القضاة الجدد في معهد الدروس القضائية عبر لجنة برئاسة رئيس المعهد بعدما كانت حصرًا بمجلس القضاء.

رغم هذه الملاحظات تضمن القانون ايجابيات في تفاصيله الاخرى، لجهة "انتخاب أعضاء في مجلس القضاء الاعلى، وعدم امكانية نقل القاضي ،وإعداد مشروع موازنة المحاكم العدلية من مجلس القضاء" ، مثلما أعاد حصر الدور الرقابيّ بالتفتيش القضائيّ. وما دام الكلام عن زمن الإصلاحات اما آن للقاضي، الذي لا ينفك عن المطالبة بتحسين اوضاعه المادية والمعنوية، ان ينتقل الى دخول زمن  قضاء الحوكمة؟

 

* لقراءة نصّ القانون يرجى الضغط هنا:  نصّ القانون

 

اقرأ المزيد من كتابات كلوديت سركيس