حركة رقابية متشددة في القضاء

قصر العدل
تطغى حركة رقابية متشددة جديدة على المشهد في قصور العدل، أظهرت نيّة مدرجة مسبقًا على جدول أعمال المسؤولين القضائيين بدأت بالتبلور ودخلت حيّز التنفيذ، وستنجلي صورتها أكثر فأكثر في المرحلة الطالعة. فالإصلاح القضائي لا يُترجم في إختيار الرجل المناسب في المكان المناسب فحسب في أعقاب التشكيلات الجديدة بعد ان تولى القضاة مراكزهم بموجبها منذ 16 أيلول الجاري مع بدء السنة القضائية الجديدة.
هذه الحركة الرقابية تجري في صمت ومن بُعد.لاحظها المراقبون ويبدو ان ثمة معطيات توافرت لدى المعنيين في القضاء بدأت بوادرها تظهر إلى العلن من خلال فتح تحقيق في ملفين على حدة، تشمل اشخاصًا على تماس غير قريب من الجسم القضائي. الملف الاول في جبل لبنان بالتوقيفات التي ساقها النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضي سامي صادر بدأت من مراقبة عاملة تنظيف مكاتب القضاة تطورت الى كشف تسريب تحقيقات من طريق التصوير بواسطة الهاتف الخليوي مع عملاء من خارج قصر العدل. وادت التحقيقات الاولية إلى توقيف مشتبه بتورطهم في هذه العملية الخطرة في إفشاء تحقيقات لا تزال في طور السرّية. والملف الثاني في قصر العدل في الشمال يتصل بتوقيف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بناء لإشارة النائب العام الإستئنافي في الشمال القاضي هاني حلمي الحجار ستة سماسرة ومعقبي معاملات اعتادوا الوقوف على رصيف قصر العدل في طرابلس، يتولون تحضير شكاوى ومعاملات لمواطنين لقاء مبالغ مالية.
وثمة وجه آخر للرقابة داخل قصور العدل. وفي السياق نقل ان مجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي سهيل عبود في صدد تقويم الانتاجية القضائية بعد ستة أشهر من بدء السنة القضائية تمهيدًا لإتخاذ القرار المناسب يصل الى حد نقل القاضي من مركزه في حال عدم المواءمة.
وفي مقلب التفتيش القضائي يجري تناقل معطيات تحمل سمة التشدد. وكلمة تشدد ليست بعيدة عن رئيس التفتيش القضائي القاضي أيمن عويدات فسمة التشدد مقرونة بطبعه. ومعروف أن هذه الكلمة تحلّ معه أينما حلّ حتى قيل عنه عندما يحضر " جاء المتشدد. وفي كل الأحوال فإن هذه العبارة ترافق ملامح وجهه. لكن القاضي عويدات هو المتشدد العادل الذي لا يظلم. وحلّ الرجل المناسب في المكان المناسب. ومعروف عنه أيضًا انه لا يزور المسؤولين ولا يزورونه. لم يسعَ يومًا وراء مركز رغم أنه من المستحقين لأهمها. لقد تنقل في مراكز بقيت بعيدة من الضوء إلى ان أنصفه الدهر ورئيس الجمهورية العماد جوزف عون بتسميته بموجب مرسوم في منصبه الحالي، بإعتبار ان اركان القضاء الثلاثة القضاة عبود وعويدات والنائب العام التمييزي جمال الحجار يعيّنون بمراسيم على حدة.
وفي معلومات"كافيين دوت برس" ان التفتيش القضائي يستعلم من عدد من القضاة حول ملكياتهم الخاصة. وتشير هذه المعلومات الى ان عددهم اقلّ من أصابع اليد. وتضيف ان دعوتهم الى التفيش تهدف إلى الاستعلام عنها للتحقق من مصدرها.
حركة التشدد ادخلت القضاء في مرحلة جديدة بدأت في التشكيلات القضائية التي يعتبرها مراقبون أنها وضعت حدَّا للتدخلات السياسية في شكل ملحوظ. وجاءت أقرب الى الواقع من المثالية. هي بداية مسيرة والاولى في ولاية رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي عبود، التي بدأت منذ حوالى سبعة أعوام أخفق خلالها مشروعان لتشكيلات عامة وجزئية وافق عليهما مجلس القضاء بسبب التدخلات السياسية ما أدخل هذه المؤسسة في متاهات الانتدابات لملء الفراغ، ولم توّفر مجلس القضاء الذي خلا من جميع أعضائه ليبقى رئيسه القاضي عبود فحسب.
لقد حلّت التشكيلات الجديدة في جوّ دولّي ضاغط طالب لبنان بإصلاحات على رأسها القضاء ومحاربة الفساد.وشدد الرئيس جوزف عون على هذا المنحى خلال لقائه مسؤولين قضائيين، ما أدخل هذه المؤسسة في إمتحان امام هذا الرهان، فنجح في مسألة التشكيلات، وجعله امام اختبار على صعيد ملفات الفساد.
وعلى هامش قضائيّ آخر، همدت ردود الفعل من عدد من المحامين، على تعميم اصدره الرئيس الاول لمحكمة الإستئناف في النبطية القاضي منيف بركات، والنائبة العامة الإستئنافية في النبطية القاضية نجاة أبو شقرا بمنع المواطنين من حمل الهواتف الخليوية في قصر العدل في المحافظة والمحاكم التابعة لها. على ان يعود للزائر حيازته، بعد إذن من القاضي الذي يقصده، في حين طلب من المحامين إبقاء هواتفهم في وضع الصامت عند حضورهم جلسات المحاكمة. وتُرك لقضاة التحقيق إتخاذ ما يرونه مناسبًا من الاجراءات في هذا الخصوص. وبحسب المعطيات ان نقيب المحامين في بيروت فادي المصري دخل على الخط.