حادثان منفصلان يجمعهما استدراج الضحية والبحث جار عن دولة قوية

حادثان منفصلان يجمعهما استدراج الضحية والبحث جار عن دولة قوية

حادثان منفصلان حصلا قبل ايام لفتا من حيث نوعيتهما. الاول مقتل ضابط مخابرات في جيش النظام السوري السابق غسان نعسان السخني على يد مواطنه الذي اوقفه الجيش في تل بيرة عكار  في اليوم التالي  على الحادث. والحادث الثاني فقدان أثر النقيب السابق في الامن العام محمد شكر. وترجيح خطفه من الموساد الاسرائيلي بعد اسبوع على مغادرته المنزل.

القاسم المشترك بين الحادثين هو استدراج المستهدفَين من المنزل. وبحسب بيان الجيش ان الموقوف السوري إستدرج السخني من منزله الى خراج بلدة كفرياسين في كسروان بتاريخ ٢٢ /١٢ /٢٠٢٥، حيث أطلق النار عليه بواسطة مسدس حربي ما أدى إلى مقتله على أثر خلاف مالي بينهما، ثم حاول الفرار قبل أن يتم توقيفه في بلدة تلبيرة  - عكار الحدودية" من مخابرات الجيش . لقد اظهر التحقيق ان الدافع للجريمة خلاف مالي، ما يُرجح معرفة الموقوف المسبقة بالضحية. وهو لا يزال يخضع للتحقيق الاولي لدى مديرية المخابرات.

 والمفقود الضابط المتقاعد شكر إستُدرج بدوره الى مكان قريب من زحلة بهدف ان يطّلع متموّل على قطعة ارض قرر الاخير شراءها، بعد اتصال وسيط لبناني في افريقيا على معرفة بالمفقود عندما  إستأجر شقة تخصّ شكر في الشويفات قبل فترة من الحادث. وحضر هذا الوسيط الى لبنان وعاين الارض التي قرر الممول شراءها. ولاحقًا طلب منه الوسيط هاتفيًا موافاة الممول المزعوم عند الرابعة والنصف بعد الظهر بعدما اعتذر عن الحضور معه. والوقت الذي حُدد لمعاينة العقار ميدانيًا قريب من هبوط الليل في فصل الشتاء في لبنان.

وفي هاتين الحالتين يختلف عنصر الاستدراج، بين الحادث الفردي الذي ذهب ضحيته الضابط في مخابرات النظام السوري السابق، وبين الإستدراج في الجريمة المنظمة،حيث يُعتبر الاستدراج من ابرز عناصرها. وفي حال صحّت شبهة ان المفقود شكر  إختطفه الموساد الاسرائيلي تكون هذه الجريمة منظّمة بامتياز، بعدما رُجح ان وراء عملية إختطافه لمعلومات لديه عن الطيار الاسرائيلي رون أراد، الذي سقطت طائرته في جنوب لبنان عام 1986، اثناء قيام إسرائيل بغارات.

  والتخطيط للجريمة المنظمة المفترضة إقتضى إستئجار شقة في زحلة من المنفذين، عمدوا قبل مغادرتها الى  ازالة  جميع البصمات من داخلها منعًا من التوصل الى كشف هويتيهما، في حين أظهرت كاميرات المراقبة ان السيارة رُصدت في آخر المطاف في بلدة الصويري في البقاع الغربي.

وسبق للموساد ان نفذ جريمة منظمة شبيهة لهذه الرواية في منزل إستأجره المنفذون في بلدة بيت مري في نيسان 2024 ، إستهدفت الصراف محمد سرور  الذي إستدرج الى ذلك المنزل بناء على اتصال هاتفي طلب فيه محدثه منه تسليم مبلغ جرى تحويله من الخارج الى إمرأة تقيم في هذا المنزل. فحضر مع قريبه في اليوم الاول ،وسلّمها المال، وعاد وقصده في اليوم التالي لتسليم المرأة نفسها مبلغ آخر بناء على طلب المصدر نفسه،الى ان وُجد جثة في المنزل لاحقًا بعد دهمه من قوة أمنية. وذُكر في حينه انه جرى الاجهاز عليه بعد إخضاعه للتحقيق. ولم تتمكن الادلة الجنائية من رفع أي بصمة من المنزل حيث عثر على مواد لإزالتها. وشوهد أحدهم عبر كاميرات مراقبة يتجول بقبعة على الرأس معصوب الوجه خشية التعرف إليه.

حجز حرية إنسان بالحيلة والخداع والتعرض له ونقله داخل بلده او الى خارجه بالعنف او برش مواد مخدرة وافقاده الوعي بقصد الخطف والأسر  داخل بلده او نقله الى دولة أخرى، كلها جرائم تقع تحت طائلة الاعمال الارهابية في القوانين المحلية والدولية. وتشكل إعتداء على امن الدولة وتحدث الذعر في المجتمع والنفوس، ومثلها جرائم التصفية التي تقع من افراد اجانب على ارض دولة اخرى، فيما البحث جار عن دولة قوية تحمي المواطن.

 

اقرأ المزيد من كتابات كلوديت سركيس