على أمل رفع كنعان موازنة العدل من تحت الصفر
يحاول مجلس القضاء الاعلى استيعاب تأفف القضاة من الوضع المعيشي وظروف العمل المحبطة التي تحيط بالغالبية منهم معنويًا بالدرجة الاولى وماديًا. وزاده دخول المساعدين القضائيين، الذين يشكّلون اليد اليمنى للقضاة في عملهم، على الخط المعيشي بالتوازي، بعدما نفذوا إضرابًا تحذيريًا شهد شبه توقف عن العمل على مرحلتين. وثمة إتجاه الى تعليقه على نذير معاودته بنَفَس تصاعدي، وفق مصادرهم، بعد انتهاء عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة.
واول ما يشكّل الاتجاه الى التصعيد، إن من القضاة او من المساعدين القضائيين، ضربة للقضاء ككل والمتقاضين والمحامين الذين عبّر جانبًا منهم ممن تابعوا ملفاتهم، خلال توقف المساعدين القضائيين عن العمل، عن إستيائهم من تعرقل ملفاتهم، بعدما املوا بإنطلاقة صحيّة مع تحقق التشكيلات القضائية.كما يرتدّ هذا التحرك القضائيّ المزدوج والمتزامن على خطة عمل مجلس القضاء الأعلى لانطلاقة العمل في الاروقة، ولاسيما انه على امتداد الازمة الاقتصادية لم يتخذّ قرارًا بالتوقف عن العمل، وإن حصل من خارجه بفعل تدهور قيمة النقد الوطني وتأثيره على رواتب القضاة. وهو اعدّ تقريرًا، وفق المعلومات، يعرض المخاض العسير الذي إجتازته هذه المؤسسة من تحديات ومخاطر ومواجهة الازمات من 2019 الى 2024. وتكشف هذه المعلومات عن تحرك المجلس ورئيسه القاضي سهيل عبود في إتجاه الحكومة ورئيس الجمهورية جوزف عون ، مع أخذهما في الاعتبار وضع الدولة الوليدة التي تحاول النهوض بمفاصلها ومؤسساتها التي تاخمت الانهيار باللحم الحي، ومنهم القضاء التي كانت بلا مجلس قضاء، وبلا تشكيلات ومشغولة معظم مراكزها بالانتداب.
لكن مقتضيات النهوض لا تشكل مانعًا عسيرًا امام رفع الموازنة المخصصة لهذه المؤسسة لتنتقل من درجة تحت الصفر ما دامت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب برئاسة النائب ابراهيم كنعان تدرس الموازنة العامة، فيتغيّر نمط الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال.وتبدي الدولة إهتمامًا بهذا السلك فينصرف القاضي الى ملفاته بذهن صاف والخروج من مؤشر الصفر المعتمد في الدول النامية التي تنحو في إهتمامها الى الدولة الامنية على حساب دولة القانون، عدا عن ان مؤشر الموازنة المخصصة للعدل غير صحيّ بلغ درجة فقدان القرطاسية ولوازمها، وان يحيط القاضي نفسه بالنظافة في مكان عمله على نفقته.
المهم ان المسؤولين الذين يتواصل معهم مجلس القضاء ابدوا تفهمًا للواقع القضائي ووعدوا خيرًا.
والجناح الأيمن للقضاة يشكو بدوره ويشكل الف و160 مساعدًا قضائيًا في لبنان الذي لا يزال يعيش في غياهب الاروقة، وعلى عدّة القلم واوراق الهامش بعيدًا من عالم المكننة والتطور التكنولوجي المعزز لمزيد من الشفافية. هو الآخر كان يأمل ان يثير وزير المال ياسين جابر في جلسة مجلس الوزراء، التي كان مزمع عقدها امس لطرح ما للقطاع العام، وهم من عداده. وتقول مصادر هذا الجسم إنها "فوجئت بإرجاء الجلسة إلى الاثنين، ولم يعد الوزير يردّ على الهاتف"، بحسب مصادر هؤلاء. وهم يعقدون النيّة على النزول الى الشارع مطلع السنة الجديدة. ويشكون من متوسط راتب المساعد القضائي حاليًا 450 دولاراً مع الحوافز من خارج اساس الراتب، الذي معدّل أساسه 650 ألف ليرة، في حين يتقاضى المتقاعد 200 دولار، على ان يتوقف نصف هذه الحوافز تقريبًا في حال تغيّب الموظف يومًا عن عمله من دون تقديم عذر طبي شرعي، ولا تأخذ هذه الحوافز في الاعتبار مسألة الامومة. وهو الموظف الاداري الوحيد الذي لا فرصة سنوية له حيث يتقطع عمله خلال العطلة القضائية السنوية. والغريب ان طلب هذه الزيادة بات يستلزم مراجعة صندوق النقد الدولي، وفق ما ذكرت. مع العلم ان توقف المساعد القضائي يؤثر على مداخيل الخزينة العامة المدار من صناديق الغرامات والرسوم وغيرهما يوميًا. ثمة تصميم من هذا القطاع على المضي في التحرك. وتضيف "لم نضغط مئة في المئة في الاضراب اذ لا يزال من 5 الى 10 في المئة يعملون. وسنواصل الضغط مئة في المئة".