صراع "الرؤساء" في "الشمال الثالثة": اعادة صياغة التحالفات لزيادة الحصاد الانتخاب
تعدّ "الشمال الثالثة" دائرة المرشحين للرئاسة بامتياز. هذه الدائرة التي تضم 4 دوائر صغرى، البترون والكورة وزغرتا وبشري، هي معقل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. ثلاث دوائر مارونية بـ7 مقاعد، تتوزع بمعدل 3 في زغرتا، و2 في كل من بشري والبترون، وبينهما دائرة أرثوذكسية هي الكورة بـ3 مقاعد، ليصبح المجموع 10 نواب.
في انتخابات عام 2022، شهدت هذه الدائرة تنافسًا جديًا بين 5 لوائح تقاسمت خريطة التمثيل على الشكل التالي: 3 نواب للقوات، 2 للمردة، 2 للتيار الوطني الحر، 2 مستقلين هما ميشال معوض وأديب عبد المسيح، ونائب عن قوى التغيير هو ميشال الدويهي.
ومع انطلاق الاستعدادات الفعلية للاستحقاق الانتخابي، يسود "الشمال الثالثة" ما يمكن توصيفه بعملية إعادة ترتيب وصياغة التحالفات انطلاقًا من المتغيّرات السياسية والوقائع التي أفرزتها الانتخابات الماضية، في ظل سعي كل طرف إلى تحسين وضعيته التنافسية، أملاً بزيادة الحصاد الانتخابي بالنسبة للأحزاب والتيارات، والحفاظ على المقعد النيابي بالنسبة للمستقلين.
ورغم ارتباط الدوائر ببعضها، إلا أن لكل واحدة منها خصوصية انتخابية.
لائحتان للقوات
ففي دائرة الكورة التي تتمثل في البرلمان عبر فادي كرم عن القوات، وجورج عطا الله عن التيار الوطني الحر، وأديب عبد المسيح ثمة متغيرات عدة في التحالفات الانتخابية لأسباب مختلفة منها طبيعة القانون الانتخابي ونتائجه.
ففي عام 2022 حصلت القوات في دائرة الشمال الثالثة على 4 مقاعد في النتائج الأولية مع نيلها نحو 33 في المئة من أصوات المقترعين، وبفارق كبير عن أقرب اللوائح المنافسة. غير أنها عادت وفقدت مقعدًا بكسور الحواصل. هذه المرة ومع ارتياحها إلى وضعيتها السياسية والانتخابية، تدرس القوات تشكيل لائحتين، انطلاقاً من أن التوزيع المتقن والمدروس للأصوات يعزز من فرص حصد 4 مقاعد وتجنب متاهة الكسور.
ووفق الإحصاءات التي لديها، فإن الفارق كبير بين القوات وسائر القوى السياسية المنافسة بمقدار يزيد عن الضعفين. هذا وتشير معلومات "كافيين دوت برس" إلى أن القرار القواتي غير محسومفي بشكل نهائي لجهة إعادة ترشيح فادي كرم في الكورة، بالإضافة إلى ترشيح زياد حبيب، وزياد شماس، وشخصية من عائلة ساسين.
باسيل والتحالف مع المردة والقومي
بالنسبة الى التيار الوطني الحر فإن الصورة لم تتبلور بعد في ظل وجود أفكار عدة مطروحة، وهناك اتصالات مع المردة يمكن أن تفضي إلى نشوء تحالف بينهما، بالإضافة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي تعدّ الكورة من معاقله التاريخية ولديه حضور متجذر فيها، لكن انقسامه إلى فريقين أدى إلى تبعثر أصواته في المرة الماضية، بعدما تحالف فريق مع الوطني الحر، وفريق مع المردة.
إلى جانب ذلك ووفق معلومات "كافيين دوت برس"، فان التيار الوطني الحر يجري اتصالات أيضا مع النائب المستقل اديب عبدالمسيح وبالتالي فإن الخيارات أصبحت موسعة امام التيار ومرهونة بدراسة دقيقة للملف الانتخابي ليحدد إن كان سيتحالف انتخابيا مع المردة والقومي، أو مع النائب عبد المسيح.
وفي هذا الإطار يقول النائب أديب عبد المسيح لموقع "كافيين دوت برس" أنه منفتح على جميع الأطراف "أثبتنا أننا حالة مستقلة ورقم صعب، ومن الصعب استبعادنا. لدينا القدرة على لعب دور ضمن أي تحالف نكون فيه". انطلاقًا من هذه المعطيات، يبيّن عبد المسيح وجود اتصالات ونقاشات مع الجميع دون استثناء. بالنسبة إليه الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، ولكل تحالف حساباته "ندرس الخيارات المتاحة للوصول إلى تحالف يفضي إلى الفوز بالمعركة الانتخابية".
تحالف قوى التغيير – معوض
خاضت قوى التغيير الانتخابات الماضية في الشمال الثالثة ضمن ائتلاف موّسع شمل العديد من المجموعات المنبثقة من روحية ومبادئ انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 بعنوان "شمالنا". توجت لائحة قوى التغيير منافستها الجدية، والأرقام اللافتة التي نالها المرشحون في الداوئر الأربعة، بمقعد نيابي آل إلى ميشال الدويهي في زغرتا. ورغم الفوز الذي تحقق، إلا أن قوى التغيير لم تتحول إلى حركة سياسية متماسكة ومنظمة، وبقيت سمتها الرئيسية أنها تجمع شخصيات وأفراد على هدف مشترك. لكنها تتحضر لخوض الاستحقاق الانتخابي 2026، حيث تشير معلومات "كافيين دوت برس" إلى أن مرشحها في دائرة الكورة هو جهاد فرح، الذي ترشح أيضاً في المرة الماضية، وهو على تواصل على مستوى الدائرة الكبرى "الشمال الثالثة" مع كل من رياض طوق في بشري، وجيستال سمعان في زغرتا، وكذلك مع فدوى ناصيف في الكورة، الذين خاضوا الانتخابات الماضية سوياً، لكن ناصيف قد لا تترشح هذه المرة.
كذلك ثمة تواصل مع شخصيات أخرى ضمن نفس التوجه في البترون، والقاعدة الأساسية التي تنطلق منها القوى التغييرية هي أن يكون لديها مرشح واحد على الأقل في كل دائرة من الدوائر الأربع الصغرى، إلى جانب الانفتاح على قوى وشخصيات أخرى ضمن ضوابط محددة أهمها عدم التحالف مع أحزاب السلطة التقليدية مثل القوات، والتيار الوطني الحر، والحزب القومي. وفي هذا الإطار، تشير معلومات "كافيين دوت برس" إلى وجود حوار مع النائب ميشال معوض من أجل التحالف، خصوصاً في ظل "انعدام التنسيق: مع النائب ميشال الدويهي الذي انطلق من حركة "أسس" في زغرتا، لكنه سرعان ما انفصل عنها "بعد خلاف كبير" عند دخوله البرلمان.
الإشكالية التي تواجهها قوى التغيير هي أن معيار تقييم نوابها من قبل الجمهور أكثر قسوة من نواب الأحزاب التقليدية، مع اعترافها بأن أداء النواب لم يكن على قدر توقعات ناخبيهم، وحدثت بينهم خلافات وانقسامات عززت هذه الصورة.
ويبدو ان هناك خيارًا جديًّا تدرسه قوى التغيير هو التحالف مع شخصيات وقوى سياسية مستقلة من خارج دائرة أحزاب السلطة".
الجدير بالذكر أن لائحة اتئلاف "شمالنا" حصلت على أكثر من 14 ألف صوت في الانتخابات الماضية، و"شمال المواجهة" التي ضمت النائب ميشال معوض والنائب السابق جواد بولس ومجد حرب أكثر من 22 ألف صوت، في حين كان الحاصل الانتخابي 12 ألف صوت.