سوريا تعطي الاولوية للسجناء ولبنان يتغاضى عن النازحين

سوريا تعطي الاولوية للسجناء ولبنان يتغاضى عن النازحين

نازحون سوريون (المفوضية العليا للاجئين)

منذ ان بدأت سوريا في ظل نظامها الجديد بقيادة الرئيس احمد الشرع، تضغط في اتجاه حل قضية السجناء السوريين في السجون اللبنانية، والجهات الرسمية من لجان ووزراء وحكومة ككل، وسلطة سياسية، تتعاطى في شأن السجناء السوريين، على انها قضية حساسة وذات شأن. ويتصرف جميع المتعاطين بهذه القضية على انها مهمة كأولوية يفترض ان يلاقي لبنان لها حلولًا قضائية وامنية في اسرع وقت ممكن.

في المقابل فان السلطة نفسها والحكومة تبدوان غائبتين تمامًا، عن قضية النازحين السوريين ومتابعة عودتهم الى بلادهم. ( والكلام عن عودة طوعية يحتاج الى كثير من المتابعة) ولم يتصرف لبنان مع سوريا على قاعدة العمل بالمثل من ضغط مقابل لحلّ هذه القضية اسوة بما تقوم به سوريا في موضوع السجناء. وهم للمناسبة سجناء وليسوا معتقلين تعسفيًّا. فسوريا التي اجرت انتخابات نيابية، وتعاملت معها على انها خطوة مهمة وديموقراطية، وبدأت تنفتح على مجالات الاستثمار مع عواصم عربية وتنتظر رفع العقوبات عنها كاملة، لمزيد من الانفتاح الاقتصادي، يُفترض ان تكون في حاجة الى النازحين السوريين كـ" يد عاملة" بالدرجة الاولى. وكذلك الامر بالنسبة الى عائلات يتوقع ان تعود الى بلادها التي يتحدث عنها الرئيس السوري والمجموعات والشخصيات التي تهلّل للنظام الجديد، من سوريين مقيمين في لبنان ولبنانيين، بأنها مقبلة على استقرار امني وازدهار اقتصادي، في ظل رعاية سعودية وامارتية لها. وهذا ما يجب ان يدفع  دمشق الى ان تضع  مع لبنان خريطة طريق لاستعادة السوريين الى بلادهم اسوة بما تقوم به من اجل سجنائها.

في المقابل فان موضوع النازحين السوريين لم يعد يشكّل اولوية في الخطاب اللبناني الرسمي وحتى من القوى التي كانت تستخدمه كخطاب موسمي، او كردّة فعل  شعبية محلية عند حدوث اي عمل اجرامي يرتكبه نازح سوري. ورغم ان هناك واقعية في الكلام عن عودة عائلات سورية الى بلادها بقاعًا وشمالًا، الا ان مشكلة النازحين السوريين، ليست أولوية على الاجندة اللبنانية في الحوار مع سوريا، سواء عبر اللجان الوزارية المختصة او عبر الوسطاء من دول عربية وغربية. فيما تعود سوريا وحدها لتفرض عناوين الاجندة اللبنانية، ويصبح لبنان مجددًا في موقع المتلقي للرغبات السورية. واذا كان ثمة فريق من داخل الحكومة يضغط ليضع حصر سلاح حزب الله، وتنفيذ خطة الجيش في الجنوب، اولوية كقضية"سيادية" لا بدّ منها، الا ان ثمة تغاضيا مقصودًا عن تغليب موضوع النازحين كملف واسع ومتشعب. علمًا انه ايضًا قضية سيادية. اما القوى الحزبية التي لا تتعاطى مع ملف النازحين الا في المناسبات الموسمية، فهي كذلك، تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية. لان بعضها كان في السلطة ست سنوات، وبعضها كان في الحكومات المتتالية، والجميع لا يزال يغضّ النظر عن استفحال هذه القضية، رغم كل ما يعانيه لبنان سياسيًا وامنيًا واقتصاديًا من عبء النزوح السوري، لاعتبارات اقليمية ودولية. وكأن لبنان عالج ازمته مع النازحين بمجرد ان استُبدل النظام السوري وحلّ الشرع محلّ الرئيس السابق بشار الاسد. الا ان المشكلة لم تكن فقط بالنظام بل ببرنامج عمل يسمح ببقاء الاف السوريين في لبنان، وكأن لا شيء تغيّر منذ التسعينات، حين دخل الجيش السوري لبنان. مع اضافة ان الحديث عن النازحين صار في عرف الذين يتحادثون مع النظام السوري، "تهمة عنصرية" وليس حقيقة تثبت التقارير الاقتصادية والامنية والاجتماعية حقيقتها يوميا وعلى مدى سنوات النزوح الطويلة.مع الرغبة الدائمة ان يستمر غض النظر عنها.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي