الثنائي لن يكرر تجربة خروج المسيحيين من السلطة

الثنائي لن يكرر تجربة خروج المسيحيين من السلطة

الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ( العلاقات الاعلامية)

حتى اليوم، يستمر النقاش داخل الأحزاب المسيحية والقوى السياسية التي كانت فاعلة في التسعينيات حول خطأ أو صوابية قرار المقاطعة النيابية والانسحاب من الحياة السياسية. بعد مرور نحو 35 سنة على واقعة المقاطعة، يعتبر جزء من المسيحيين أن ذلك الخيار السياسي، كموقف استقلالي ومقاوم ضد الوجود السوري، كان خطوة ناقصة لا يزال المسيحيون يعانون تأثيراتها عند الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات والتعيينات.

​هذا تماماً ما يرفض "حزب الله" أن يتكرر معه، وهذا تماماً ما لن يحصل بالنسبة إليه، ليس في موضوع السلاح فحسب، بل في مقاربة التعامل معه كقوة أساسية.

​في الجلسة التي أُقر فيها مبدأ سحب السلاح، وانسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة، ساد انطباع مغلوط بأن الثنائي الشيعي سينسحب من الحكومة وأن مبدأ تسليم السلاح سيضعه عاجلاً أم آجلاً خارج المعادلة السياسية القائمة. ليس هذا واقع الحال بتاتاً بالنسبة إلى الثنائي، فتجربة المسيحيين لن تتكرر معهم، ولا يوجد أي احتمال للخروج من السلطة حتى على شاكلة ما فعلوه لدى الاستقالة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وصولاً إلى 7 أيار والتوصل لاحقاً إلى تسوية الدوحة، لأن كل الظروف الداخلية ووضعية حلفاء الثنائي مختلفة تماماً اليوم.

​في مكان ما، رمى الثنائي الكرة في ملعب الحكومة، لأن تحميل رئيسها وحده مسؤولية الإصرار على طرح موضوع السلاح كبند وحيد بدفع سعودي، هو بالنسبة إليه إشارة إلى ما يمكن أن يتطور لاحقاً بتحميلهم مسؤولية ما تتعرض له الحكومة والبلد من مأزق داخلي. في حين أن الثنائي عرف في لحظة مفصلية، رغم كل ما قيل إنه "خديعة" لاستدراجه إلى الفخ أو حتى الكلام على مواقف "معادية" له من القصر الجمهوري إلى السرايا الحكومية، كيف يستعيد موقعه داخل المعادلة الداخلية.

​لا شك أن "حزب الله" تعرض لضربات قوية من إسرائيل، بشرياً ومادياً وعسكرياً، لكن الصحيح أيضاً أن مرحلة استعادة الهيكلية بدأت، ومعها الإحاطة بما يتوجب القيام به داخلياً لتثبيت موقع الحزب، وهو العارف بأن موضوع السلاح سيُطرح عاجلاً أم آجلاً لا محالة، لكنه يريد استنفاد الوقت ومعه العلاقة مع القوى الأساسية. فرغم تصوير خصوم "حزب الله" ما حصل في مجلس الوزراء بأنه عمل بطولي وسيادي، والإحاطة برئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، إلا أن كلاماً خارجياً يتحدث عن التوقيت الذي فوّته لبنان في موضوع السلاح لحظة انتهاء الحرب الإسرائيلية بالمعنى المباشر، الأمر الذي أعطى الحزب مجالاً للتنفس والدخول في مناورات داخلية تسمح له بوضع خطط عملية للتعامل مع أي مستجد. ومعه أيضاً كلام على أنه رغم مواقف رئيس الجمهورية التي اعتبرها خصوم "حزب الله" منسجمة معهم، فإن الحزب لا يزال مطمئناً إلى مكانين في المعادلة الداخلية: رئيس الجمهورية، وهو الذي عقد معه صياغات شفوية قبل انتخابه، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي أعطى الحزب موافقة مسبقة على تعيينه، وهو كرر كلاماً سبق أن قاله عون حين كان قائداً للجيش حول عدم نيته وضع الجيش في مواجهة مع "حزب الله". 

ويدرك الحزب تماماً أن عون في القصر مضطر إلى صياغة أطر أوسع مما كان عليه حين كان في قيادة الجيش، وهو بحكم موقعه يحتاج إلى تسويات مع أطراف خارجيين، لكنه في مكان ما لا يتماهى مع أجندات خصوم الحزب، ولا مع تحويل الحزب إلى قوة سياسية فحسب مع وجود الاحتلال الإسرائيلي.

​النقطة الثانية هي أن هناك إشارات أوروبية إلى كلام مع إيران يتعلق بالسلاح بطلب من واشنطن، وهذا النقاش لا يزال في بداياته، لكن مجرد حصوله يمكن أن يفتح نافذة جديدة تعطي الحزب مزيداً من الارتياح الداخلي. علماً أن الكلام الأميركي ينصب على عدم إعطاء إيران أي ثمن مقابل تسهيلها موضوع السلاح، لأن الأميركيين معتادون على طلب إيران أثماناً مقابل أي ترتيب مطلوب.

​وهنا يصبح الكلام على مرحلة ترتيبات تتعلق مرحلياً بجنوب الليطاني، تليها طريقة مقاربة الحزب للملفات الداخلية. بمعنى انه إذا مرَّ يوم الجمعة بأكلاف قليلة، والثنائي لا يرى ذلك، فسيترتب لاحقاً على الجميع التعامل مع الحزب من منظور أنه مرتاح أكثر بعد نفاد الوقت الضائع داخل مجلس الوزراء وخارجه. والرئاسة الأولى تحرص ضمناً على مراضاته وعدم افتعال أي مشكلة معه. وهي بدورها تراهن على الوقت من أجل العمل على ترتيبات لا تُنهي العهد قبل مرور سنة على بدئه.

 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي