سوريا لا تغيب عن الساحة اللبنانية

سوريا لا تغيب عن الساحة اللبنانية

نازحون سوريون ( المفوضية العليا للاجئين)

كلما اشتعلت في سوريا في الساحل العلوي، او في المناطق الدرزية، تتحول الساحة اللبنانية متنفسًا من اجل تصفية الصراعات السورية على ارضه. من الشمال الى مناطق تمدد شخصيات، او قوى، من النظام القديم او الجديد في جبل لبنان وبيروت، لا تغيب سوريا عن الساحة اللبنانية.

ملفات لبنان مع سوريا، لا تنضب. وليست قضية النازحين السوريين وحدها التي يغفل لبنان عنها، فلا تعود قضية اساسية في العهد الحالي. لا بل بدا وكأنها طويت، في حين ان العهد الحالي بدأ خطواته الاولى على وقع التغيير السوري بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد. الامر الذي كان يفترض ان يشكّل بداية ضغط لبنانيّ من اجل وضع ملف النازحين على الطاولة وبجدّية. لكن لبنان وقع تحت قوة دفع سورية كبيرة تتمثل في تحويل قضية السجناء السوريين في السجون اللبنانية ورقة ضغط على لبنان لا ورقة تفاوض. وهذا تماما ما يخشاه امنيون، من ان يلبيّ لبنان كل الطلبات السورية المقدّمة بحجة تسهيل علاقات لبنان مع سوريا، ولو كان ذلك مخالفًا للقانون اللبناني. علما ان امنيّين، لا يزالون يجدون صعوبة في التعامل مع نظراء لهم سورييّن، كانوا الى الامس القريب في خانة الجهاديين الذي كانت لا  تعتبرهم القوى الامنية اللبنانية رفاق سلاح او اصدقاء.

وبين قضية النازحين السوريين وقضية السجناء السوريين، تحضر سوريا بقوة في المشهد اللبناني. فلا تغيب عنه بقدر ما تجد لها حلفاء في لبنان، يدافعون عن حق النظام السوري، في تغليب اولويّاته على الاولويّات اللبنانية. وهؤلاء الحلفاء من سياسيّين وناشطين، باتوا يتجاهلون عمدًا كل ما يتعلق بمصلحة لبنان في تقديم قضية النازحين على غيرها. وباتوا يقدمون تبريرات لدعم وجهة نظر النظام السوري وحقّه في التصرف على الساحة اللبنانية بما يخدم مصالحه، تحت خانة العداء لنظام الاسد. 

في المقابل ما حصل عليه لبنان حتى الان من سوريا، بعد سنة من تسلّم الرئيس احمد الشرع سلطاته، تعيين قائم باعمال فقط لا تعيين سفير لها، بما يعكس نظرة سوريا المستمرة تجاه لبنان، التي وان تغيّرت هويّات القيّمين عليها، تبقى هي نفسها. وكذلك يطرح اسئلة عن سبب عدم تحويل حلفاء النظام السوري من اعداء النظام السابق، ملف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين اولوية كذلك.

لا شك ان التهديدات الاسرائيلية تطغى على اهتمامات السلطة الحالية، وتطغى معها هموم جمع سلاح حزب الله لدى خصوم الحزب، لكن استمرار القضايا السورية المتشعبة في ترك تأثيراتها على الساحة الداخلية، سواء بالسياسة او بالامن، لن يجعل العلاقة اللبنانية السورية علاقة سويّة. وهذا لن يصبّ على المدى الطويل في صالح لبنان. اذ ان الحكم السوري الحالي لا يزال في بداية مشواره، فكيف الحال اذا استقرّ واستقرّت سوريا معه وبقيت النظرة الى لبنان كتلك السائدة حاليّا.

 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي