واشنطن تبحث عمن تسلّمه ادارة ازمات المنطقة

واشنطن تبحث عمن تسلّمه ادارة ازمات المنطقة

ترامب وولي العهد السعودي

يرصد المتصلون بالادارة الاميركية الاشارات الاولى المتعلقة بخريطة الطريق الاميركية لمنطقة الشرق الاوسط، بما هو أبعد من الزاوية اللبنانية البحت. المشكلة ان في بيروت من لا يزال يعتبر ان لبنان هو في قائمة الاولويات الاميركية، وواقع الحال ليس كذلك مطلقًا. فلبنان هو جزء من استراتيجية تدرسها الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الاوسط، ولا تفرد له اهتمامًا استثنائيًّا. لكن انعكاس خريطة الطريق عليه، سيجعله حكمًا، من المتأثرين بها. ولا سيما لجهة من سيتولى ادارة ازمات المنطقة، وفق الرؤية الاميركية.

فواشنطن، تدرس بعناية وضع حلفائها في المنطقة التي تريد وخلافًا لكل التوقعات الخروج منها، وعدم البقاء فيها في صورة مباشرة. ولا يعني ذلك التخلي عنها بالمطلق بل الاتكال على حلفائها في منطقة لا تزال تعاني من المشكلات الكبيرة. فمن من حلفائها قادر على مواجهة المرحلة المقبلة ليحلّ محلّها.

اسرائيل كحليف أول، ولواشنطن ثقة مطلقة بها، لديها القوة العسكرية والحضور الفعّال. لكن في المقابل لديها من الخصومات ما يكفيها، كما المحاذير في العالم العربي والاسلامي الذي لا يثق بها، فضلًا عن الارتدادات التي خلقتها الحرب الاخيرة. اما تركيا فهي بوابة اوروبا وعضو " الناتو" لكن ايضا لها مشكلاتها مع العالم العربي والاسلامي ولا يمكن ان تكون قادرة على لعب هذا الدور الذي يفترض توازنًا في العلاقات مع الجميع. في حين ان السعودية، التي تطلّ على كل العالم الاسلامي من باكستان الى الشرق الاوسط، فهي تتمتع بثقة هذا العالم، وقادرة على تمثيل معظم الدول الاسلامية  ولا سيما الخليجية. لكنها لا تمتع بالقوة اللازمة التي تجعلها شريكًا له حضوره العسكري بما يشكلّ قوة وازنة في المنطقة، او تكون قادرة بمفردها على ادارة الازمات.

هذه النقاشات الاميركية، عن مرحلة مقبلة، تستند مع كل من الدول الثلاث الى برنامج عمل وقراءات معمقة حول الادوار التي يفترض ان يلعبها من يقع عليه اختيار واشنطن. ومن بين هذه النقاشات، نقاش سعودي اميركي، يتعدى ما هو مطلوب من الرياض، ليبحث فعليّا عن دور ايران في المرحلة المقبلة. في ظل سؤال محوري، ماذا لو صاغت واشنطن نفسها تفاهمًا مع ايران، وهو امر لا تستبعده كثير من الدوائر العربية والاميركية، فهل ستعيدها واشنطن الى اللعبة الاقليمية كلاعب اساسي في سوريا ولبنان؟ لان على هذا السؤال يتوقف الكثير من الاجوبة السعودية في تعاطيها مع  واشنطن في ملفات المنطقة.

اللافت في الكلام الاميركي عن دور دول المنطقة في ادارة مشكلاتها، غياب الاشارة الى دور مصر ، وكأن ثمة تسليمًا اميركيا بمحدودية هذا الدور، وعدم الثقة بأن مصر لا تزال قادرة على ادارة ملفات ساخنة. ولا علاقة لدورها في صفقة وقف النار في غزة، بهذه الرؤية. لان ملف غزة تشاركت فيه دول كبرى، اضافة الى ان مصر بحكم الامر الواقع الجغرافي والعلاقة مع الفلسطينيين كان لا بدّ ان يكون لها دور اقرب الى الاداة التنفيذية في الصفقة. لكن حدود العلاقة معها لا تتعدى منطقتها الجغرافية وليس في شكل اوسع يغطي الشرق الاوسط.  

وفقًا لذلك، تصبح الانتظارات في الشرق الاوسط، معلّقة على ما يعدّ مجددا اميركيّا، لان لا خلاصات نهائية بعد. ولبنان على لائحة الانتظار كما كانت حاله دائمًا.

 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي