نظرة اسرائيلية واحدة لدولتي لبنان وفلسطين

ماكرون يعلن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين
تختلف قراءة الاعتراف بحلّ الدولتين، في زمن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن قراءتها فيما لو تمّت في مراحل سابقة.
الحملة الغربية للاعتراف بدولة فلسطين، والاشادة باقامتها وعقد مؤتمر حلّ الدولتين، في عزّ اندفاعة نتيناهو لها معطيات مختلفة وارتدادات مستقبلية، من المنظار الغربي. واللافت ان اكثر المواقف الداعمة للدولة الفلسطينة، ظهرت في الامم المتحدة، في ظل غياب رئيس الدولة الفلسطينية محمود عباس الذي لم تمنحه الولايات المتحدة تأشيرة دخول اليها. هذا في حدّ ذاته اول المؤشرات على التناغم الاسرائيلي الاميركي في مواجهة هذا التوجه لاعتراف بدولة فلسطين.
اسرائيل لا تنظر الى حلّ الدولتين في هذا التوقيت، على انه معزول عن حدث 7 تشرين الاول عام 2023. وعلى بعد ايام من الذكرى الثانية لما اعتبرته اسرائيل استهدافًا يوازي ما حدث في اوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، فانها لا ترى في ما يحصل اليوم سوى استمرار لتطويقها وهذه المرّة من جانب دول يفترض ان تكون صديقة لها. ردة الفعل الاسرائيلية على مواقف دول كفرنسا وبريطانيا، لن تكون مجرد استنكار عابر. فاسرائيل تتعامل مع اعترافهما بحدّة، وهي غالبا ما سوف تردّ ، ولا سيما بالنسبة الى فرنسا، بوقف كل ما كان متاحًا ديبلوماسيًا لها في قضايا المنطقة.
كذلك فان اسرائيل ستتصرف مع الترحيب والاعتراف بدولة فلسطين، كما باتت تصرف مع لبنان. اي دولة بجيشين: حزب الله في لبنان وحماس في الدولة الفلسطينة. وبذلك تصبح مسؤولية الدولة ان تتعامل مع الذراع المسلّح المرادف، على غرار تحميلها مع واشنطن للدولة اللبنانية مسؤولية ما يقوم به حزب الله وجمع سلاحه. وهذا يعني تحميل الرئاسة الفلسطينية اعباء اضافية تتعلق بمعالجة الوضع الفلسطيني الداخلي، بما يتلاءم مع المتطلبات الاسرائيلية ، ما يفتح الباب امام نقل الصراع من الخارج الى الداخل. وذلك بخلاف الموقف الفرنسي الذي عبّر عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بقوله ان عزل حماس يتطلب شرط الاعتراف باقامة الدولة الفلسطينة ومفاوضات السلام.
وتحميل عباس مسؤولية معالجة وضع حماس، تطال في طريقها غزة والضفة معا. اي ان اسرائيل تخطط وفق ذلك لنقل المعركة من غزة الى الضفة، والتي ستكون وجهتها الثانية، تحت سقف التعامل مع الدولة الجديدةكجسم واحد، اذا لم توقف الدولة الفلسطينية حماس. وعباس الذي يرأس دولة من دون حدود وسيطرة كاملة على مناطقها، بفعل ادارة حماس لغزة، واستمرار وجود اسرائيل في الضفة، سيصبح اكثر فأكثر تحت الضغط الداخلي والاسرائيلي. وهذا الاعلان على اهميته ولو اعتبر رمزيا لانه لن يترجم عمليا بالنسبة الى الدول التي اعترفت به، الا انه سيفتح على عباس موجة ضغط غير مسبوقة. وهذه نقطة اساسية في رؤية مستقبل الرئيس الفلسطيني.
واذا كانت الاشادات توالت في شأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، الا ان ما يخشى منه تباعا، انفتاح المنطقة بدءا من الضفة الى غزة والاردن ولبنان وسوريا على آفاق ومتغيرات جديدة. الانذارات التي توجه الى لبنان، وتتصاعد تدريجا، لن تكون اقل حدّة في دولة فلسطين. لان التعامل مع نتيناهو، يتم حتى الان على اساس ما قبل 7 تشرين الاول، وهو اثبت مرارا انه قادر على القيام بخطوات غير مسبوقة. ما حصل في قطر مثال واضح، وقبله في ايران ولبنان واليمن وسوريا. والمشكلة ان هناك من لا يزال يتعامل مع التهديدات الاسرائيلية وكأنها عابرة، رغم كل ما يحصل في لبنان كل يوم.