نادي القضاة يدق جرس إنذار التوقف عن العمل

نادي القضاة يدق جرس إنذار التوقف عن العمل

نجح القضاء بإقرار التشكيلات القضائية مع بداية عهد الرئيس جوزف عون لكن يبدو ان ثمة عودة الى بدء لمحاصرته اجتماعيًا وتضييق الخناق على القضاة معنويًا وماديًا.

في كتابه الى السلطات المعنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي رفع نادي القضاة في لبنان الصوت، ودق جرس الإنذار. وسبق ان نفذ القضاة غير مرة قبل أعوام قليلة توقفًا عن العمل عندما لم تُستجب طلباتهم. ولا تبدو الاجواء بعيدة عن إتخاذ هكذا قرار  في حال لم يلقَ كتابهم صدى.

آخر خبر انه طُلب من كل قاض في بيروت والمحافظات ان يدفع من عشرة دولارات الى 20 دولارًا شهريًا بدل تنظيف دور العدل بما فيها المكاتب وقاعات المحاكم. والسبب ان شركة التنظيفات التي كانت تتولى عملية التنظيف والصيانة لم تعد متوافرة لعدم توفر المال اللازم في وزارة العدل. اما عن عدة العمل من لوازم ورقية وقرطاسية فبالقطارة او على نفقة القضاة.

ليس المقصود قيمة المبلغ المتوجب على القاضي ان يدفعه شهريًا للحفاظ على محيط نظيف في مكان عمله، بقدر ما هو إلقاء الضوء على مدى إهتمام المسؤولين المعنيين بدور العدل التي تمثل السلطة الثالثة في الدولة، حيث لا يزال القاضي يوّقع على مبلغ يراوح من أربعة ملايين ليرة الى ثمانية ملايين ليرة تشكل أساس راتبه. ويعيش على انتظار توقيع قانون بسلفة جديدة من وزارة المال. وهو التدبير الذي إتخذ بفعل الازمة والاقتصادية وتدني قيمة النقد الوطني. وترفع هذه السلفة الراتب من 700 دولار الى 1100 دولار.

ترتفع خارج أسوار هذه الدور الاصوات  اللائمة وتشكو من بطء المحاكمات. فما بال القاضي الذي يجتاز المسافات يوميًا للوصول الى منطقة خطرة أمنيًا في الجنوب ليستجوب او يحاكم موقوفًا، في النبطية، وبنت جبيل، ومرجعيون. وينتظر ليتبين انه لم يتم إحضاره بسبب تعذر السَوق من مقر توقيفه الى المحكمة. والامر  ليس افضل حالًا في البقاع او الشمال. والسبب لدى المراجعة ان لا يوجد عديد، لانصرافهم الى مهمات اخرى، او عدم وجود شاحنات سوق كافية او تعطّلها لِقِدمها. فيضطر القاضي الى إرجاء الجلسة الى موعد آخر. وشكوى الحاجة الى شاحنات لقوى الامن الداخلي لتأمين نقل الموقوفين تكررت مرارًا، منذ العهد السابق، وزمن حكومة تصريف الأعمال، ولا تزال تتكرر الى اليوم. والمعنيون في الدولة غائبون عن السمع وعن تأمين هذه الشاحنات، فيما الشكوى تتعاظم عن مشكلة الاكتظاظ في السجون.

ويرفض قضاة إعتماد الاستجواب الافتراضي للموقوف لأنه حلّ غير قانوني . لقد لجأ قضاة الى هذه الوسيلة في زمن جائحة كورونا حيث كان الجميع سجناء في المنازل وثمة موانع .

يشعر القضاة انهم مستهدفون كسلطة. ويسأل احد القضاة " لماذا لا يريدون ان يقف القضاء على قدميه. ربما الخشية من ان يأخذ مجراه؟". لقد جرى وضع هيكلية القطاعات الاخرى، وتشكيل الهيئة الناظمة في كل من وزارتي الطاقة والاتصالات ولحْظ  مرتبات عالية وموازنات، وعندما يصل الامر الى القضاء، الذي هو سلطة، فلا حياة لمن تنادي، وتغييب اي تخطيط له، وقانون استقلال السلطة القضائية عاد ادراجه. لماذا كل هذا الاستبعاد للقضاء؟. "الامر واضح"، يستطرد،"بكل بساطة كأنهم لا يريدون قضاء قويًّا".

لا يعتقد اهل الشأن ان الدولة لا تزال مغلوب على امرها. فهي لا تنفك في تحصيل الضرائب والرسوم من المواطنين بالدولار والرسوم الجمركية على سعر صيرفة ولا تزال الرواتب متدنية لدرجة ان تعويض نهاية الخدمة لإحدى القاضيات بلغ أربعة آلاف دولار لقاء 35 عامًا من الخدمة.

يطالب قضاة النادي بحلّ مستدام يُعزز أساس الراتب، بدل الاتكال على المساعدات من خارجه، ودوامة انتظار السلفة من وزارة المال لصندوق تعاضد القضاة كلما شارفت على الانتهاء، للبدء من جديد بالاتصالات في سبيل الحصول على منحة جديدة. فيما سائر القطاعات من شركات ومدارس وسواهما جرى إعادة النظر في أوضاعهم،اما القطاع العام على حاله و"القضاء يُضرَب". وقضاة يستقيلون، بلغ عددهم 13 قاضيًا منذ عام 2021.وهم من خِيرة القضاة، وآخرهم القاضي سامر ليشع. وسبقه القاضيان جان طنوس وفادي العنيسي.

رغم كل الحملات غير البريئة التي طاولت القضاء ،وكادت تودي بهذه المؤسسة الى التهلكة،كسائر مؤسسات الدولة، إستطاع ان يصمد في وجه العواصف، ونجح في الاستمرار، بعدما نجح النادي في أعوام سابقة من المطالبة بتحسين اوضاعه في أعقاب الازمة المالية، وفي طلب تنقية الجسم القضائي. وعلى الهامش، فهذه التنقية جارية حاليًّا بعيدًا من الضوء بعد إكتمال هيئة التفتيش القضائي. وها نادي القضاة اليوم يرفع الصوت من جديد عبر كتاب بمثابة إنذار ستظهر نتائجه في المقبل من الأيام. 

 

اقرأ المزيد من كتابات كلوديت سركيس