القرار الاتهامي في ملف المرفأ إلى 2026

العدالة وانفجار المرفأ ( خاص كافيين دوت برس)
بدخول التحقيق في ملف انفجار المرفأ سنته السادسة في الرابع من آب الماضي، يُفترض أن تُطوى خلالها مرحلة التحقيق العدلي لتتوج بإصدار القاضي طارق البيطار القرار الاتهامي في هذه القضية التي أوقعت 220 ضحية وسبعة آلاف جريح، ودمرت جزءاً كبيراً من العاصمة، تمهيداً لإيداعه المجلس العدلي. وبصدور هذا القرار، يكون التحقيق في ملف المرفأ قد قطع طريقاً طويلاً مليئاً بالأشواك والتعقيدات.
ويُنتظر اجتياز الشوط الأخير من هذا التحقيق الذي يعمل عليه المحقق العدلي حالياً، لأن توافره أساسي في الملف، توطئةً لبلوغ القرار الاتهامي نهاياته. ويستدعي هذا الشوط مزيداً من الوقت سيمتد بضعة أشهر، قد تصل إلى الربع الأول من السنة المقبلة 2026، لأسباب تقنية تتصل بالآلية القانونية التي يفرضها صدور كل قرار من هذا النوع. فهو أولاً رهن أن يستكمل قاضي التحقيق العدلي البيطار ما تبقى من عمله، تمهيداً لختم التحقيق، ليُحيل من ثم الملف على النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بصفته مدعياً عاماً عدلياً، لوضع المطالعة في الأساس، حيث سيبدي في خلاصتها مطاليبه.
راهناً، ينتظر المحقق العدلي أجوبة عن ست استنابات كان أصدرها عبر النيابة العامة التمييزية إلى الخارج، بعدما رفع النائب العام التمييزي قرار سلفه القاضي غسان عويدات بحظر تنفيذ أي إجراء يتخذه المحقق العدلي عام 2023. وتُشكّل الردود على هذه الاستنابات ضرورة للتحقيق من جهة مضمونها، ما يفتح الطريق أمام إنهاء التحقيق أو التوسع قليلاً به في ضوئها، وفق مصادر قضائية، فضلاً عن احتمال استماع القاضي البيطار إلى إفادات شهود. وهناك أيضاً تقرير التحقيق الفرنسي الذي يُفترض وروده وضمه إلى الملف، وهو يتصل بضحايا فرنسيين قضوا في انفجار المرفأ.
وفي الخطوة التالية، طبقاً للآلية القانونية، سينتقل الملف إلى القاضي الحجار. وهذه المرحلة متلازمة مع التحقيق، ومن شأن إتمامها تعبيد الطريق أمام صدور القرار الاتهامي. وفي تقدير أوساط قضائية أن يًستغرق إنجاز هذه المطالعة شهرين على الأقل نظراً إلى كثافة هذا الملف الذي يحتوي على آلاف الأوراق والمستندات والمحاضر والتقارير الفنية ذات الطابع الأمني. وواقعياً، لم يشهد القضاء اللبناني مثيلاً لحجم ملف المرفأ الذي ناهز عدد المدعى عليهم فيه 36، بينهم مسؤولون سياسيون وقضائيون وأمنيون. وهي المرة الأولى التي يشمل فيها ملف قضائي دفعة واحدة من هؤلاء على هذا المستوى.
وليس هناك أي موقوف في هذه القضية، كنا هو معلوم، بعد تخلية النائب العام التمييزي السابق القاضي عويدات جميع الموقوفين في حينه، وعددهم 17 موقوفاً، على إثر استئناف القاضي البيطار النظر في الملف معتمداً على دراسة قانونية معززة بقرار لرئيس المجلس العدلي سابقاً القاضي فيليب خيرالله، تخلُص إلى عدم جواز رد المحقق العدلي وتعطيل العدالة. وقابل النائب العام التمييزي ذلك بالادعاء على المحقق العدلي باغتصاب سلطة ومنعه من السفر، ولا تزال هذه الدعوى عالقة منذ عام 2023. ويُنتظر أن تأخذ طريقها إلى البتّ مع بدء السنة القضائية في 15 أيلول الجاري بعدما تشكّلت الهيئة الاتهامية التي تنظر فيها، وهي برئاسة القاضي الياس عيد ومُكلّفة بالنظر في استئناف القاضي عويدات خلال ولايته لقرار قاضي التحقيق في هذه الدعوى حبيب رزق الله، وطلب فيه من النائب العام التمييزي السابق تصحيح الادعاء بهذا الملف.
وسينتهي بتّ هذا الاستئناف إما بطي هذه الدعوى وتعليل هذا المنحى أو قبوله وإيداع الملف القاضي رزق الله ليأخذ طريقه، علماً أن القاضي البيطار غير مُستجوَب في هذه الدعوى. وسيُفسِح بدء السنة القضائية في المجال أمام بتّ هذا الاستئناف، مثلما سيتيح بتّ طلبات الرد ودعاوى المخاصمة العالقة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، تلافياً لتعرّض القرار الاتهامي لجريمة للطعن، من وجهة نظر مصادر قضائية، أو ترك هذه المسألة للمجلس العدلي عندما ينعقد كهيئة حاكمة. وفي سياق دعوى اغتصاب السلطة، تشير هذه المصادر إلى أن قرار منع السفر الصادر بموجب هذه القضية قد يكون قيّد من احتمال وجود نية سفر للقاضي البيطار إلى الخارج في إطار تحقيقاته.
وفي مقلب آخر من ملف المرفأ ثمة مفارقة، فوفق ما تردّد وما سبق إعلانه من دول معنية، لم تتوافر صور من الأقمار الاصطناعية، لأن تلك الأقمار لم تكن مُشغَّلة أو كانت مُوجَّهة إلى مناطق أخرى. وما توافر منها بدا مُستخرَجاً من مُشغِّل "غوغل". وفي أي حال، علمياً، تقول هذه المصادر يُفترض أن القرار الاتهامي سيُجيب عن كل النواحي المتصلة بهذه القضية وطبقاً لمعطيات التحقيق.