لبنان يستعيد " ثلاثية جيش وشعب ومقاومة"
قصف اسرائيلي (عن المنار)
يتصرف لبنان مع واشنطن وكأنه يمارس لعبة عض الاصابع. فيعتبر ان لديه القدرة لمواجهة الضغط الاميركي، بضغط مماثل، من دون ان يلحظ انه الحلقة الاضعف في مثلث واشنطن اسرائيل ولبنان.
على ماذا يعتمد لبنان في عملية المواجهة هذه؟
يستعيد لبنان ثلاثية "جيش شعب ومقاومة" في ادائه الرسمي كما في اداء الجيش جنوبًا. وهذا يعني انه يبادر الاميركيين بموقف منسجم مع موقف حزب الله الذي يتلطّى خلف الجيش ورئاسة الجمهورية، في عملية التفلّت من الضغط الاميركيّ والاسرائيليّ، كما في "المواجهة السياسية" للاعتداءات الاسرائيلية.
فالحزب حاليًا، بعدما فقد قدرة الردع العسكريّة نتيجة اتفاق وقف النار، وتعطّل الجزء الاكبر من آلته العسكريّة، غير قادر لاسباب اقليمية – ايرانية، واخرى عسكرية على استعادة زمام المبادرة عسكريّا لواجهة الاعتداءات الاسرائيلية. وعمليّة بناء الحزب مجددًا، وان كانت تتمّ، على ايقاع ناشط عسكريا وبشريّا،(وهو ما تقول اسرائيل انها تستهدفه بقاعًا وجنوبًا) الا انها تبقى حاليًّا، في عجز عن استعادة قدرات الحزب في شكلها الكامل. لذا، تصبح المواجهة السياسيّة بالنسبة اليه، أقدر وأفعل، طالما ان السلطة السياسية والعسكرية تقوم بها عنه. وبذلك يستعيد الثلاثيّة من دون تكون في البيان الوزاري، الذي افتخر رئيس الحكومة نواف سلام في آذار الفائت انها "اصبحت من الماضي".
ولبنان الرسمي ازاء ذلك، يحاول الافادة من الوقت الضائع، ورغم تبلّغه الرسائل المصرية والاميركية وخلفها الاسرائيلية، لتأجيل دفع الاستحقاقات، عبر ابراز ما يعتبره انجازات في تطبيق اتفاق وقف النار، وتأمين نشر نحو عشرة الاف جندي جنوب الليطاني، وتجفيف مواقع الحزب العسكرية، في تلك المنطقة. وصولا الى الايحاء بقبول تفاوض مع اسرائيل وان بصورة اوليّة. وهو بذلك يتصرف وكأن واشنطن او اسرائيل لا بد في نهاية المطاف ان يقبلا بالترتيبات اللبنانية لمواجهة ضغوط الطرفين عاجلا ام آجلًا، لاسباب " غير عقلانية".
في المقابل ماذا تفعل واشنطن في التعامل مع الواقع المستجد بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية؟
لم تتغيّر اجندة واشنطن تجاه لبنان، في اعتبار ان ما يحصل هو انقلاب على التفاهمات التي اُبرمت مع وقف اتفاق النار. وهي لا ثقة لها بأن ما وصلها من تأكيدات حول التفاوض نهائية، لانها تعرف مسبقًا الالتزامات السياسية للسلطة في لبنان. وكذلك فانها لا تنظر الى الواقع العسكري من وجهة جنوب الليطاني فحسب حيث تعتقد ان ما يُنفّذ اقلّ من المطلوب، انما كذلك شمال الليطاني في مرحلة اقرب من المتوقع. وهناك في واشنطن من يقتنع مع اسرائيل ان لبنان غير قادر على التفلّت من تأثيرات الحزب وان الأخير يعيد بناء قدراته العسكريّة، وان لا مصلحة لواشنطن في اعطائه فرصة لذلك، كما جرى في كل الاتفاقات التي عُقدت لوقف الاعمال العدائية التي حصلت سابقًا، بما في ذلك حرب تموز. وما تغيّر في اسرائيل منذ سنتين، ان الاصرار على كسر الحزب يختلف تمامًا عما تعايشت معه في حروبها السابقة معه. لذلك لا تمارس اسرائيل ضغطًا على واشنطن، لتنفيذ ما تراه مناسبًا لانها تعتبر نفسها متوافقة معها حيال الحزب وحيال السلطة في لبنان. وهي اصبحت اكثر حرّية في التعامل مع الواقع اللبناني بحيث تتعدّل اولوياتها في ضرب الحزب بحيث لا تكرر تجربة الحرب بصيغتها الاخيرة انما بسيناريوهات غير محتسبة لبنانيّا.