لبنان في حساب واشنطن : عودة زمن التسعينات السوري؟

  لبنان في حساب واشنطن : عودة زمن التسعينات السوري؟

لا يحبّذ خصوم حزب الله الكلام عن الرئيس السوري احمد الشرع. لا مكان لأي انتقاد او مراجعة لموقع سوريا اليوم وهي مقسمّة مناطق، وتعيش احداثًا طائفية  وسياسية، سبق ان عرفها لبنان. ومع ذلك يشكّل النظام السوري اليوم بالنسبة الى قوى مسيحية واسلامية  من حلفاء  واشنطن والرياض  وخصوم حزب الله، عدا عن انه النقيض لما عرفوه ايام الرئيسين حافظ وبشار الاسد، واجهة تغييرية في المنطقة. ورغم ان مشهد لقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب والشرع، مشهد غير مألوف، وله امتدادته في المنطقة، الا ان ثمة اصرارًا على ان لا تأثير للقاء وما سيخلقه من ارتدادات، على لبنان.

الواقع ان هذه النظرة التفاؤلية ليست في محلّها في شكل كامل. ليس فقط لان ما بدأ يظهر من تعاطي النظام السوري الجديد مع لبنان، في ملفات النازحين والحدود والسجناء السوريين، لا يزال قيد الدرس، ويترك انطباعات عن سياسة غير نديّة. بل لان ثمة انطباعات خارجية - اميركية عن ان لبنان، لا قدرة له ان يقوم بما عليه ويلبي طلبات المجتمع الدولي، الا من خلال رعاية خارجية مباشرة له. من هنا كان السؤال في نقاشات متشعبة بين لبنان ومراكز قرار خارجية، وفقا لبرنامج عمل سوريا في الملف الاميركي، هل تعيد واشنطن تلزيم لبنان الى سوريا – الشرع كما ايام التسعينات؟

خصوم حزب الله يعتبرون ان مثل هذا النقاش له خلفيّة تصب في صالح حزب الله، والترويج لمقولة سيطرة سوريا مجددًا على القرار اللبناني. لكن المفارقة ان أصل النقاش يعود الى ان لبنان لم يستجب لما يطلبه الخارج منه، اميركيًّا وسعوديّا – عربيّا، من ضرورة نزع سلاح حزب الله وتجفيف موارده المالية. اي ان لبنان لم يقم بالفرض المطلوب منه، تماما كما لم يقم بواجبه حين وُقّع اتفاق الطائف. حينها اصرّ العماد ميشال عون على البقاء في قصر بعبدا وعدم مغادرته. والا لماذا كتبت عبارة اعادة تمركز القوات السورية في منطقة البقاع كمرحلة انتقالية. ولكن حين لم يلبّ لبنان ما يتوجب عليه، "لزّمت" واشنطن لبنان الى سوريا حتى خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005.

بحسب مطلعين على نقاشات اميركية لبنانية، فان الاهتمام الاميركي بسوريا والشرع كما بوزير خارجيته اسعد الشيباني، والعبارات التي استخدمت في توصيفه، من عدد من محاوريه الاميركيين سياسيين واقتصاديين، يعطي لسوريا اليوم موقعًا متقدّمًا. خلافا لما بدأت واشنطن تظهره تجاه لبنان. وفي رأي هؤلاء فان ما قام به الرئيس الاميركي جورج بوش للبنان عام 2005، لم يقم به اي رئيس اميركي او غير اميركي. ومع ذلك فان القوى السياسية التي كانت تناهض سوريا استبدلتها بالتحالف مع حزب الله وشاركته حكومات عدة، واستمرت بذلك الى حين انتخاب رئيس موال للحزب اي العماد ميشال عون. ولا يشذّ الوضع الحالي اليوم عن هذه القراءة، لان في نظر الاميركيين  فان لبنان لم يستجب لاي من الطروحات المتعلقة بنزع سلاح حزب الله، وفي المشاركة معه في الحكومة وفي اجراء تسويات معه في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش. وبحسب معطيات هؤلاء فان ثمة مسؤولين يخطئون حين يعتقدون ان واشنطن تجهل الكثير من التسويات التي اُبرمت خلال السنة الفائتة.

من هنا تحوم الشكوك حول المرحلة المقبلة التي تتحول فيها سوريا تدريجًا، لاعبًا اساسيًا، بدعم اميركي، واوروبي وعربي تتقدمه السعودية. وهذا يعطيها المجال لكي يكون لها كلمة في الوضع اللبناني. ما يمكن ان يصبح قضية شائكة في الانتخابات النيباية المقبلة، كمظهر اوليّ. والمفارقة الاخيرة تكمن في ما سيكون عليه موقف حلفاء واشنطن في حال أعادت عقارب الساعة الى الوراء

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي