لبنان امام تصعيد اسرائيليّ مدروس

لبنان امام تصعيد اسرائيليّ مدروس

فيما كان لبنان الرسمي غارقًا في نقاشات  مشروع قانون الفجوة المالية، كان التصعيد الاسرائيلي يأخذ منحى مختلفًا عن السابق. ورغم ان الاعتداءات الاسرائيلية لم تتوقف يومًا، الا انها بدأت تأخذ اشكالًا مختلفة ربطًا برغبة اسرائيل في توجيه رسائل مضبوط الايقاع الى لبنان.

ففي لحظة مفصلية اعتقد لبنان ان تعيين سياسي في الوفد اللبناني، الى اجتماعات لجنة الميكانيزم، أبعد عنه كأس التهديدات الاسرائيلية التي كانت تلوح في الافق، بضرب منشىآت وتوسيع رقعة الاستهدافات لتساوي حزب الله بلبنان ككل. لكن ما حصل في الايام الاخيرة ورغم اجتماعات لجنة الميكانيزم، لم يترك مجالًا للشكّ بان التصعيد الاسرائيلي مدروس، وان  الوضع الامني  يخضع مجددًا لتأثيرات الضغط الاسرائيلي. فتريث اسرائيل بتوسيع الضربات، اتى بفعل ضغط اميركي اسفر عن تعيين السفير سيمون كرم في الوفد اللبناني في اجتماعات الناقورة. لكن التعيين لم يخفّف من وتيرة القصف الاسرائيلي شبه اليومي على حزب الله وعلى القرى الجنوبية، لا بل ارتفعت حدّة الاستهدافات وسقوط الضحايا. وتنوعت الاساليب ونوعية العمليات ومناطقها.

والغمز الاسرائيلي الاخير من قناة الجيش اللبناني، مقصود وبدقة، والغاية منه  رفع مستوى توجيه الانظار الى الجيش، من خلال رسائل مباشرة، بعد اعتراضات اسرائيل على اداء الجيش في جنوب الليطاني وعدم اقتناعها، بما حققه من انجازات في تلك المنطقة. ولا بما سيعِد انه سيحققه في شمال الليطاني بعد الاعلان عن انتهاء المرحلة الاولى. وهذا الامر يأتي بعد ايام قليلة على لقاء باريس الرباعي الذي هدف الى تأمين الارضية المناسبة لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش في شباط المقبل، من دون تحديد مواعيد نهائية له. وهو بذلك يريد توجيه انظار الدول المعنية الى سوابق يريد تسويقها على اساس انها مسلّمات تتعلق بوضعية الجيش وعلاقته بحزب الله، وهو ما نفاه الجيش ووزير الدفاع ميشال منسى.

الامر الثاني هو ان التريث الاسرائيلي أتى في وقت تنتظر واشنطن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، للقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب. وعلى هذا اللقاء سيبنى الكثير من خريطة المنطقة، وعلى الاخص ما يعني سوريا ولبنان وارتباط الساحتين بما تريده اسرائيل، لجنوب البلدين، وللمنطقة الاقتصادية في القرى الحدودية اللبنانية. وقبل كل ذلك التأكد من حقيقة ان واشنطن لن تتدخل في ما يريده نتنياهو في جنوب الليطاني وشماله. وبعد عودة نتنياهو يمكن البناء على مصير لبنان على خريطة الاستهدافات الاسرائيلية. فبين الانتظارات الموعودة لسوريا وبعد الغاء قانون قيصر رسميّا وما سيتحقق وينعكس عليها من مشاريع، يتراجع وضع لبنان ويصبح عرضة اكثر للخضوع لسنياريو معدّ سلفصا بين اسرائيل – نتنياهو من جهة وسوريا -  احمد الشرع من جهة ثانية.

وفي هذا المشهد كلّه، يصبح لبنان اكثر هشاشة، وهو ينتظر اجتماعات الميكانيزم، ومؤتمر دعم الجيش، وبينهما، ينتظر انتهاء مسؤوليه من الاحتفالات بعيدي الميلاد ورأس السنة.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي