حجم الخطر استدعى تدخلًا مصريًّا

حجم الخطر استدعى تدخلًا مصريًّا

رئيس الاستخبارات المصرية

في شباط عام 2000 وصل الرئيس المصري حسني مبارك الى بيروت في زيارة مفاجئة، للقاء الرئيس اميل لحود، في زيارة هي الاولى من نوعها لرئيس مصري الى بيروت. كانت اسرائيل توّجه رسائل الى كل العواصم المعنية بالوضع اللبناني، بانها تنوي الانسحاب من لبنان. لكن سوريا وحلفاءها في لبنان كانوا يوجهون رسائل مقابلة خشية هذا الانسحاب، تارة مشككين به، وتارة اخرى، محاولين الالتفاف عليه.

كانت زيارة مبارك تحت عنوان مواجهة التهديدات الاسرائيلية على لبنان، لكن الواقع اثبت لاحقًا ان اسرائيل كانت تحضر لمغادرة لبنان بعد 18 عامًا على احتلاله، وبالفعل انسحبت من لبنان في ايار من العام نفسه.قبل ان يأخذ لبنان استعداداته الكافية لعدم التقاطه بجدية الكلام المصري.

اليوم ومع مجيء الوفد المصري الى بيروت، الديبلوماسي والاستخباراتي، تصبح الزيارة دليلا عن الخطر المحدق بلبنان، بعد ارتفاع حدة التحذيرات الاسرائيلية. والدور المصري منذ ان قال الرئيس المصري انور السادات "ارفعوا ايديكم عن لبنان" مع بداية الحرب اللبنانية، يعكس التدخل في لحظات حرجة من الازمة اللبنانية. سواء لجهة التشابكات المتعلقة بالملف الاسرائيلي او حتى بالتسويات الداخلية التي كانت مصر تتدخل فيها( لا سيما بعد انحسار الدور السوري) لاختيار شخصيات مرشحة للرئاسة كما فعلت مع اختيار قائد الجيش العماد ميشال سليمان  عام 2007 حين استقبله مبارك، الى ان اوصله اتفاق الدوحة عام 2008.  

واهمية الزيارة اولًا انها تضم رئيس الاستخبارات المصرية اللواء حسن رشاد الآتي الى لبنان بعد اسابيع من حركته المكثفة بين اسرائيل وشرم الشيخ ولقاءات مع مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين، ودوره في دعم اتفاق وقف النار في غزة. صحيح ان رشاد كان ينوي زيارة لبنان في زيارة تنسيق عادية، لكن التوقيت اليوم يحمل ايقاعًا مختلفًا للزيارة. وتبعا لذلك، فان سرعة الزيارة وكثافة اللقاءات التي تتضمن مستوى سياسي وآخر عسكري - استخبارتي مع الجانب اللبناني، لا تعكس ان الوفد يحمل خريطة حلّ متكاملة، لا سيما ان اتفاق غزة الذي شاركت فيه مصر بقوة ضم ايضا تركيا وقطر، اضافة الى الدور الاميركي الحاسم. اما في لبنان، فالارجح وفق ذلك ان تكون الزيارة  على شكل استطلاع اوليّ ورسائل تحذير تعكس حجم ما سمعه رشاد في اسرائيل.

ورغم توقع الجهات اللبنانية نقل الموفد المصري تحذيرات الا انها تعتبر ان المقترحات العملية التي يمكن للبنان ان يقبل بها لا تزال تعكس تمسكه بآلية اتفاق وقف النار، وبالاجتماعات التي تحصل في الناقورة. لذا لا يمكن رسم صورة مغايرة للمسار العسكري، في شأن وقف النار، الا اذا كان المطروح مستوى سياسي يتعلق بالتفاوض. وهذا الامر لا يمكن كذلك ان يشكل للبنان منحى جديدًا، وللاسباب المعروفة. 

المشكلة ان يذهب لبنان الى التقليل من التحذيرات التي ينقلها وفد على هذا المستوى، فيضاف عنصر آخر من عناصر تجاهل الخطر الاسرائيلي، فيما اسرائيل تواصل توجيه ضربات عسكرية كما يحصل كل يوم.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي