جعجع الى الواجهة مجدّدا

جعجع الى الواجهة مجدّدا

حين أوصل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، عبر تسوية معراب، خرج التيار الوطني الحرّ لاحقًا، لينفي مسؤولية جعجع في ايصال عون الى الرئاسة. وحصل ما حصل بينهما على مدى ست سنوات واكثر من نقض للتفاهم.

وحين تجاوب جعجع مع الضغوط السعودية من اجل ايصال العماد جوزف عون الى رئاسة الجمهورية، لم يكن بدًا، من ان يقال ان مصير هذه العلاقة ستكون مماثلة، لما حصل في سنوات العهد الماضي. 

 وفعلًا، لم يتأخر العهد في اظهار عدم الودّ بينه وبين القوات وجعجع. وليس عدم دعوته الى لقاء البابا لاون الرابع عشر في قصر بعبدا، وحدها التي دلّت على ان وراء الاكمّة ما وراءها. اذ لم تكن القصة استبعادًا لرؤساء احزاب، شمل جعجع، كما التبرير الرسمي. لكن ما حصل افاد جعجع، اذ تحوّل حدثًا بذاته، ولا سيما بعد غيابه عن القداس لاسباب امنية.

ومع الرسالتين اللتين توجه بها امس الى رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة، اعاد جعجع الامساك بالحدث السياسي، في توقيت ملائم، من زاويتين، الانتخابات والسلاح.

حتى الان، لا يزال جعجع وفق الاشارات الانتخابية الاولى، متقدمًا في كل ما يمكن ان يحصده من نتائج انتخابية. ومع ذلك هناك تأكيدات ان جعجع احد الراغبين في تأجيل الانتخابات، لاسباب لا تتعلق بنتائجه التي يراهن عليها ويضمنها. بل لاسباب تتعلق بصورة المجلس الجديد الذي يرتأي ألا يصرف الجهد عليه، فيما هو لن ينتخب رئيس الجمهورية الجديد. فتصبح هذه الانتخابات في توقيتها من دون مغزى سياسي غير قادر على تصريفه، لا سيما في ظل عهد لم " تسلك الكيمياء" بينهما. ورغم ذلك فان جعجع منصرف الى التحضير لها، والمؤتمر العام كان جزءا من هذه المشهدية. لكن ذلك يبقى قيد الدرس، الى السنة الجديدة لمعرفة كيفية اتجاه الاوضاع في لبنان. 

اما موضوع السلاح فهو شأن آخر. ومن هنا اتخذت الرسالة الى عون وسلام منحى مختلفًا ولهجة عالية السقف، لان القوات تعتبر ان عون وسلام يفترض ان يمثلا الخط نفسه كما حالها، بالنسبة الى نزع السلاح.

ما تؤكد عليه القوات ثلاث نقاط اساسية:

اولا ان الاعتراض لا يعني مطلقًا الانسحاب من الحكومة كما يشيّع البعض. بل ان الرسالة هي جزء من النقاش من ضمن العمل الحكومي" فنحن جزء من السلطة". فبقدر ما كانت خطوة تعيين السفير سيمون كرم جيدة ومطلوبة،  كان تجاوز الرؤساء الثلاثة الآلية المعتمدة، وعدم تبليغ الوزيرين المعنيين الدفاع والخارجية بها مسبقًا. والقوات تريد الالتزام بالعمل الحكومي من ضمن الضوابط المعمول بها.

ثانيا لم يكن مقبولًا ان يمرّ كلام الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، من دون اي ردّ. والقوات تعتبر ان من واجبها الردّ، والوقوف الى جانب السلطة في ترجمة القرار الذي اتخذته بسحب السلاح. لا سيما ان القوات تشهد  في الشهرين الاخيرين تراخيًا في تنفيذ سحب السلاح، فيما حزب الله يتشبث بمواقفه. من هنا كانت الرسالة بمضمونها، عالية السقف بقدر اهمية الموضوع المطروح.

ثالثا، ان القوات تعرف مسبقًا، ان مزايدات ستحصل في موضوع الوقوف الى جانب العهد واستثمار اي تباين في الرأي، لكنها تعرف كذلك انها لن تتردد في التمسك بموقفها في موضوع نزع السلاح الذي هو قرار حكومي، وان ما تعبر عنه داخل الحكومة يصبّ في الاتجاه ذاته.

 

 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي