اشارات سعودية واميركية عن تعثّر العهد

اشارات سعودية واميركية عن تعثّر العهد

الرئيس عون مع وزير الخارجية الاميركي

ثمة ما يدعو الى التساؤل في مواجه السلطة في لبنان لكمّ من الاسئلة حول خريطة الطريق التي تسير بها بعد اشهر على انتخاب الرئيس جوزف عون وتشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام.

حتى الان كان التعويل على ان الاهتمام الغربي والعربي، لا يزال منصبًا على لبنان، نتيجة تقاطع الظروف المحطية به من سوريا الى غزة.ما جعل لبنان يتعاطى مع كل ملفاته على انها مؤجلة الى حين. مع اتفاق وقف النار في غزة، ولو انه لا يزال في مراحله الاوليّة ومن غير المنطقي التعامل معه على انه أنهى الحرب في شكل نهائي، بدا تصرف السلطة وكأنها ربحت ورقة حظ. اذ اعتبرت انها حصلت على مهلة جديدة من اجل التقاط انفاسها، والتعويل مجددا على الخارج من اجل تسهيل وضع لبنان. 

 لكن الواقع معاكس تماما. ثمة اشارات سلبية وصلت في شكل واضح الى معنيين في السلطة عن عدم رضى عربي واميركي عن كل ما يجري في لبنان. وأن الرهان على أن ما حصل في غزة ينسحب على لبنان مغلوط بالكامل، لا اسرائيل في هذا الوارد ولا الاميركيون اصحاب الوساطة كذلك. في غزة اجتمع اكثر من عنصر اميركي ومصري وقطري وتركي من اجل التوصل الى الاتفاق، عدا عن أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب وضع كل ثقله ورهانه الذي سيأتي به الى اسرائيل، من اجل تسهيل الوصول الى الاتفاق المذكور. وموضوع غزة بالبعد الذي اتخذه وارتباطه بعناصر اقليمية ودولية مغاير تماما للبنان.

في لبنان، وُضع الاتفاق منذ اشهر على نار التنفيذ مبدئيا. لكن وبحسب ما تراه عواصم عربية والسعودية تحديدًا، وواشنطن، فان لبنان يتساهل في تطبيق الاتفاق، لجهة حصر سلاح حزب الله. حتى موضوع المساعدة الاميركية المخصصة للجيش، يصرّ لبنان على التعامل معها على انها خرق للسياسة الاميركية المتشددة، في حين انها محصورة بنزع سلاح حزب الله، وقد اُبلغ المسؤولون بذلك اكثر من مرة بما في ذلك الجيش اللبناني. اضافة الى ان هناك تأويلات " رسمية" لموقف واشنطن حيال لبنان ليست متطابقة مع رؤية الفريق المكلف متابعة الوضع اللبناني. والاشارات التي وصلت وهي اقرب الى رسائل واضحة، ان اسرائيل لا تتعامل مع لبنان على انه ملحق باتفاق غزة، بدليل التحذيرات التي سبقت قصف المصيلح، واستمرار الاستهدافات المتتالية. ومع ذلك لم تؤخذ هذه الرسائل بجدية.

اما سعوديًا، فالمراجعة لا تتعلق فقط تنفيذ اتفاق وقف النار. ثمة اعادة قراءة لكل ما حصل منذ ما قبل انتخاب عون وصولا الى الوضع السياسي الحالي برمته والموضوع لا ينحصر بحزب الله فحسب، بل بكيفية مقاربة السلطة لمستقبل لبنان والملفات العالقة فيه. فما يؤخذ حتى الان على الحكم ان لا خريطة طريق واضحة يعتمدها. وكذلك فان  التردد سمة العهد الحالي في عدم الاقدام على ما من شأنه ان يعدّ الوضع اللبناني لما تقبل عليه المنطقة، ربطًا بتطورات سوريا وغزة. كما ان طريقة مقاربة الملفات السياسية والاقتصادية والامنية، لا تعطي لمحة ايجابية. فالسلوكيات المعتمدة لا تزال هي نفسها التي ادّت سابقا الى انهيار الوضع الداخلي. فكيف الحال اذا اُضيف الى ذلك ان اسرائيل لن تتراجع عن كل ما تحذّر منه في شأن حزب الله، والاخطر في حال قررت رفع مستوى تحذيراتها واستهدافاتها تحت ذرائع مختلفة. وهذا كلّه يستدعي مراجعة شاملة لما " لم" يتحقق حتى الان، رغم تكرار السلطة لوعودها امام الموفدين الاقليميين والدوليين. 

 

 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي