الثنائي يحارب على جبهتي الداخل والخارج
خلال حرب تموز عام 2006، كان حزب الله يواجه الجيش الاسرائيليّ، والضغط الدوليّ، لكنه كان يعرف ان ظهره محميًّا، في الداخل. حتى حين ذهب الى سوريا، عند اندلاع الحرب فيها، كان مطمئنًا الى وجود قوى سياسيّة تقف الى جانبه وتبرّر له دفاعه عن لبنان من سوريا ازاء تمدّد "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش". حتى عملية فجر الجرود التي قام بها الجيش اللبناني ساهم فيها حزب الله بطريقة او باخرى.
منذ ان بدأت حرب السنتين بنسختها الاسرائيليّة، تبدّل موقع حزب الله في المعادلة. ومع ذلك ظلّت قوى سياسية تقف الى جانبه بعدما توّسعت الاعتداءات الاسرائيلية، الى ان بدأ الضغط الدولي يتسارع في موضوع نزع سلاحه، والتضييق عليه ماليًّا.
المفارقة اليوم، على خطين، الاول، ففي الظاهر لا يقف اي طرف سياسي الى جانب حزب الله، في معركة حصر السلاح في يد الدولة. حتى بعض حلفائه السابقين، والذين تراجعت حدّة خطبهم بعد سقوط الرئيس السوري بشار الاسد، يتحدثون بخجل عن السلاح لمواجهة اسرائيل ولا يمانعون حصر السلاح في يد السلطة اللبنانية وحدها. وفي الظاهر يقف رئيس الجمهورية جوزف عون خلف خطة حصر السلاح، وان كان الاكثر تفهمًا لبقاء السلاح في يد الحزب لاسباب تتعلّق باستمرار احتلال اسرائيل للنقاط الخمس واستمرارها في الاعتدءات، وان ايضًا لتماهٍ سياسيّ مع خطّ يتقاطع مع الحزب.
من هنا يقف حزب الله وحيدًا مع الرئيس نبيه بري كثنائيّ في مواجهة خارجيّة مفتوحة على احتمالات عدة في شأن اقفال القنوات المالية للحزب، وفي تجريده من سلاحه رغم بقاء اسرائيل على احتلالها. وهذه المعركة يعرف الحزب انها ستكون قاسية، بعدما تلّمس جدية الخطوات التي نوقشت في واشنطن. والجانب المالي سيكون له الاهتمام الاكبر في المرحلة المقبلة.
في المقابل جاء فتح قانون الانتخاب، في توقيت دقيق للثنائي. فبدل الانصراف الكليّ الى معركة مع الخارج، بات ايضًا في مواجهة داخليًة، مع القوى المؤيدة لمشروع القانون الذي صوّتت عليه الحكومة. وقانون الانتخاب بالصيغة الاخيرة هو مشروع تضييق بالكامل على الثنائي، الذي يرى فيه محاولة لمواجهته داخليًّا. ولهذا السبب يستنفر كلّ العدّة من اجل رفضه.
فالمعركة على قانون الانتخاب تشكّل بالنسبة الى الثنائيّ معركة كسر عظم، وتوازي في اهميّتها معركة سحب السلاح من الحزب. ولهذا فان الثنائيّ لا ينوي التراجع عنها، حتى لو اقتضى الامر الاطاحة بالانتخابات. والحزب يرى في ذلك مصلحة اساسيّة له. لان تطيير الانتخابات يعفيه من التورّط في معارك جانبية، فيما الخطر الداهم عليه مصيريّ ويتعلق بمستقبل وجوده. وهذه المعركة اليوم بالنسبة اليه ليست ثانويّة، لا بل انه يستند فيها الى بريّ الذي يتقدّمه في رفض المشروع رفضًا مطلقًا وسيكون رأس الحربة في رفضه. فيما يتولّى الحزب ملف السلاح.
وبري يراهن في معركته، على ان ثمة قوى اساسيّة مسيحيّة لا تمانع هي الاخرى في تأجيل الانتخابات، لسنة او اكثر، حتى لو كانت تصرّ علانية على اجرائها في موعدها. وقد تتلاقي مصالحه معها في صورة غير مباشرة، فتؤجّل الانتخابات تحت عنوان قانون الانتخاب غير المتفق عليه، الى اشعار آخر. لينصرف هو الى مواجهة حصريّة السلاح والتضييق الماليّ عليه.