المحقق ترك البيطار بدعوى اغتصاب سلطة وأمهل الادعاء لإبداء الملاحظات

المحقق ترك البيطار بدعوى اغتصاب سلطة وأمهل الادعاء لإبداء الملاحظات

للمرة الاولى يمثل محقق عدلي امام قاض لإستجوابه في حضور وكيلي مدعيين في شكوى مباشرة تقدم بها مسؤولان مدنيّان حالي وسابق، غير قاضيين، تقدما بشكوى مباشرة امام قاضي تحقيق مُعيّن للنظر في دعواهما، ودعوى مقدمة سابقًا في الموضوع ذاته من النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات بجرم إغتصاب سلطة. والمدعيّان النائب علي حسن خليل والمدير العام للجمارك والمدير العام السابق للجمارك بدري ضاهر المدّعى عليهما في ملف انفجار المرفأ.  

استجوب امس قاضي التحقيق حبيب رزق الله المعيّن للنظر بهذه الدعوى والشكويين بحق قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار في مكتب القاضي رزق الله في حضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي محمد صعب ووكيلي المدعيين المحاميين سامر الحاج وريما سليمان.

الجلسة دامت ساعتين ونصف انتهت بترك القاضي صعب امر تقرير النتيجة لقاضي التحقيق الذي ترك القاضي البيطار، وأمهل المحاميين الحاج وسليمان مدة عشرة ايام للتعليق على الاستجواب خطيًا، من دون ان يعيّن القاضي رزق الله موعدًا لجلسة جديدة. في انتظار ان يبدي وكيلا الإدعاء ملاحظاتهما الخطيّة خلال المهلة المعطاة لهما، على ان يقرر قاضي التحقيق الخطوة التالية.

نشأت الدعوى العامة بجرم اغتصاب سلطة على اثر عودة المحقق العدلي البيطار الى التحقيق في ملف المرفأ، بعد حوالى عامين من توقف التحقيق، مستندًا الى دراسة قانونية، مآلها ان المحقق العدلي لا يُرد تتضمن قرارًا للمجلس العدلي بهذا التوجه، ولغياب نصّ صريح برَدّ المحقق العدلي الذي كان توقف عن متابعة النظر في ملف المرفأ لوجود عدد من الدعاوى عالقة امام محكمة التمييز طلبت ردِّه، ولم يتم بتّها بعد. إضافة الى دعاوى مخاصمة الدولة عن اعمال قضاتها بحقه أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ولم تُبتّ هي الاخرى بعد.

إعتبر القاضي عويدات عودة القاضي البيطار الى متابعة النظر في ملف المرفأ غير قانونيةّ كون الدعاوى العالقة بحقّه تقضي بكفّ يده عن هذا الملف طبقًا لما ينطبق على قاضي التحقيق عند تبلّغه طلب الردّ ودعوى المخاصمة. واصدر قرارًا بتخلية جميع الموقوفين في هذه القضية، والإدعاء على المحقق العدلي بجرم إغتصاب سلطة ومنعه من السفر. كما اصدر قرارًا الى قلم النيابة العامة التمييزية بعد تسلّم أي إجراء يصدر عن القاضي البيطار الذي كان إدّعى بعد استئناف تحقيقاته على مسؤولين سياسيين وامنيين وقضائيين بينهم القاضي عويدات.             

 هذه التطورات إستدعت توقف التحقيق في ملف المرفأ من جديد الى حين تقاعد القاضي عويدات بعد اشهر. ومع تكليف القاضي جمال الحجار بتوليّ مركز النائب العام التمييزي كان المحقق العدلي عاد الى مكتبه في قصر العدل. وعُقدت اجتماعات عدة بين القاضيين من دون ان تسفر عن استئناف التحقيق، إلا بعد تشكيل الحكومة، وتعيين المحامي عادل نصار وزيرًا للعدل الذي اعاد إحياء التحقيق بملف المرفأ باستقبال المحقق العدلي وفدا قضائيًّا امنيّا فرنسيًّا يحقق بدوره في ملف المرفأ  على حدة، كون هذا الانفجار أدى الى سقوط ضحايا فرنسيين. وتبع ذلك رفع قرار القاضي عويدات وعادت التبليغات والاجراءات تجري عبر النيابة العامة التمييزية. واستجوب المحقق العدلي الدفعة الاخيرة من المدعى عليهم، واصدر استنابات الى الخارج تتصل بشحنة النيترات من دون ان ترد الأجوبة عنها. وينتظر ردّ السلطات البلغارية في شأن طلب القضاء اللبناني تسليم المحتجز الروسي إيغور غريتشوكين مالك السفينة روسوس التي نقلت حمولة النيترات امونيوم وجرى إفراغها في مرفأ بيروت. ويفترض ورود الردّ البلغاريّ بعد ان تصدر المحكمة العليا قرارها في تمييز وكيل غريتشوشكين طلب تخلية موكله في العاشر من تشرين الثاني الجاري بعد ردّه من البداية والاستناف. كما ينتظر في الوقت نفسه جوابها عن طلب القاضي البيطار السفر إلى بلغاريا لاستجواب المحتجز الروسي في صوفيا. وقد صدر هذا الطلب إحتياطًا وتحسبًا في حال جرى رفض طلب الاسترداد. ويشار الى ان قرار منع سفره قد سقط قانونًا لمرور سنة على صدوره وفق مصادر قضائية. لكن إشارة منع سفره لا تزال قائمة، وتحتاج إلى إبلاغ القوى الامنية بسقوطها.

وفي وقت عاد المحقق العدلي الى مكتبه بعد انتهاء التحقيق معه،وتابع النظر في ملف المرفأ في حضور كاتبه، يتجاذب اهل القانون رأيان في إطار موضوع دعوى إغتصاب سلطة. يذهب الرأي الاول الى تأييد موقف القاضي عويدات لجهة أحقيّة طلب ردّ المحقق العدلي لسابقات في هذا الصدد. وآخرها قرار محكمة التمييز برَدّ القاضي فادي صوان سلف المحقق العدلي الحالي،في حين يذهب الرأي الآخر الى اعتبار ان قرار المجلس العدلي الذي إستند اليه القاضي البيطار لاستئناف تحقيقاته صادر عن هيئة المجلس العدلي بالإجماع بعدم جواز ردّ اعضاء هيئة المجلس العدلي. ويعاضده قرار للهيئة العامة لمحكمة التمييز عام 1998، برئاسة القاضي منير حنين وعضوية القاضي رالف رياشي، الذي كان عضوا في المجلس العدلي في حينه. وانتهى الى إعتبار ان هيئة  المجلس العدلي وحدة لا تتجزأ ولم ينشىء القانون هيئة بديلة منها، ولا يمكن ان يُنحى، أو ان يتحنى رئيسها لأنه معيّن حكمًا بمقتضى القانون، مشيرًا الى ان قانون اصول المحاكمات المدنية لم يلحظ ردّ رئيس المجلس العدلي بل حصر امكانية ردّ قضاة الدرجة الاولى والاستئناف وقضاة محكمة التمييز. واعتبر ان المجلس العدلي لا يشكل غرفة في محكمة التمييز. كما لحظ اصحاب هذا الرأي ان المحقق العدلي تابع للمجلس العدلي، وان تعديل هذا القانون اجاز ردّ اعضاء المجلس العدلي من دون رئيسه، من دون ان ينصّ على المرجع الصالح للنظر بطلب الردّ. 

 

اقرأ المزيد من كتابات كلوديت سركيس