الجامعة اللبنانية قضية وطنية وليست قضائية

الجامعة اللبنانية قضية وطنية وليست قضائية

في خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية جوزف عون بعد انتخابه رئيسا ورد الآتي" عهدي أن نستثمر في العلم ثم العلم ثم العلم، وفي المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية". هذه الجامعة اليوم التي تتعرض سمعتها للتشويه بسب التزوير والمخالفات القانونية.

ليست قضية الجامعة اللبنانية ملفًا قانونيًّا وقضائيّا فحسب، حتى تتذرع السلطة السياسية رئيسًا وحكومة  بمبدأ فصل السلطات. لان ما يجري فيها يتعدى عملية تزوير او غشّ او تلاعب في ايّ من الفروع التابعة للجامعة.

قضية الجامعة اللبنانية قضية تربوية ووطنية، عدا عن كونها قضية اخلاقية، لانها تمسّ سمعة لبنان وسمعة خريجي الجامعة اللبنانية والمستوى الاكاديمي، وهذا الامر يفترض بالحكومة ان تدافع عنه وتعمل على معالجة الخلل  الكبير الذي يصيبها.

معالجة الخلل تبدأ برفع اليد السياسية عن الجامعة، واعادتها صرحًا اكاديميّا كما كانت قبل سيطرة بعض الاحزاب عليها. ومعالجة الخلل تبدأ كذلك بتعيين مجلس الجامعة، وتعيين العمداء وفق الكفاءة لا المحاصصة السياسية والحزبية. والسؤال اذا كان التذرع بتعيين عمداء بالتكليف، غياب مجلس الوزراء، فما الحجّة اليوم التي تمنع الحكومة من اجراء تعيينات على مستوى العمداء، واعادة تشكيل الهيكلية الادارية بحيث لا يتفرد رئيس الجامعة وحده بكل المسؤوليات والقرارات فيها. فيما قانون الجامعة يحدد ان المجلس يتألف من رئيس الجامعة وعمداء الوحدات الجامعية وممثل (مُنتخب) عن أفراد الهيئة التعليمية من كلّ وحدة جامعية. ويضمّ المجلس أربعة طلاب من الجامعة (يتم انتدابُهم من قبل اتحادهم وفقًا لنظامه الخاص)، وشخصين مشهودٍ لهما بالكفاءة العلمية يتمّ تعيينهما بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء لمدة سنتين".

وضرورة طرح ملف الجامعة على طاولة مجلس الوزراء، تضع كل القوى السياسية الممثلة في الحكومة، وحتى معارضيها الذين كانوا في السلطة، امام مسؤوليات اعادة انتظام الجامعة اللبنانية. فلا تتحول الى محاصصة لصالح قوى سياسية، فيما القوى الاخرى وتحديدًا المسيحيون يتصرفون وكأنهم تخلّوا عنها. او بالاحرى تخلّوا عنها فعليّا، بدليل تمنّعهم الدائم عن طرح شؤونها والمطالبة بتصحيح اوضاعها، وعدم الاهتمام بواقع طلابها وكأنهم من الدرجة الثانية. والقوى المسيحية التي كانت تعتبر نفسها "ام الصبي" للجامعة اللبنانية، تتصرف من وحي اعتمادها على الجامعات الخاصة كمراكز علمية وثقافية، من دون الالتفات الى الجامعة اللبنانية وطلابها. 

 والمسؤولية  تقع كذلك على وزيرة التربية لانها يفترض ان تعرف، وهي استاذة جامعية ، ولو في الجامعة الاميركية، قيمة الاستاذ الجامعي وكيفية التعاطي معه. فالقضية لا تتعلق فقط بالمطالبة بادخال مجموعات من الاساتذة في نظام التفرغ، بقدر ما هي اعادة الاعتبار الى دور الجامعة واساتذتها الذين تدهورت اوضاعهم ورواتبهم في شكل فاقع، وبات التعامل معهم يتمّ على انهم اجراء وليسوا كيانات علميّة بكفاءات عالية. مع الاعتراف بعدم اهليّة بعضهم ممن ادخلوا الى الجامعة وفق معايير حزبية وسياسية وليس اكاديمية.

الجامعة اللبنانية ليست ملفًا قضائيا، يُفتح ويُقفل، بحسب الملفات، بل هي قضية يُفترض برئيس الجمهورية ان يلتزم بكلمته في شأنها، فلا تصبح مجرد عبارة انشائية في خطاب القسم.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي