الدستور: قانون الانتخاب من صلاحية الحكومة

الدستور: قانون الانتخاب من صلاحية الحكومة

 جلسة مجلس الوزراء

حسمت الحكومة امرها بان قررت ان لا علاقة لها بقانون الانتخاب، ورمت الكرة في ملعب المجلس النيابي. لتبدأ جولة جديدة من النقاشات بين القوى السياسية حول القانون وتصويت المغتربين والبطاقة الممغنطة والميغاسنتر، وصولا الى نقاش سياسي مطوّل لتأجيل الانتخابات.

لكن السؤال لماذا تتخلى الحكومة عن دورها في اعداد قانون الانتخاب، ولماذا يفترض بالحكومة ان تكون هي الجهة التي تتولى ارسال مشروع القانون الى المجلس النيابي؟

في المادة 65 من الدستور، التي تنص على الصلاحيات التي يمارسها مجلس الوزراء، ورد ان المواضيع الاساسية التي تستوجب موافقة ثلثي اعضاء الحكومة المحدد في ترسيم تشكيلها " تعديل الدستور، اعلان حالة الطوارىء... حلّ مجلس النواب، قانون الانتخابات قانون الجنسية قوانين الاحوال الشخصية".

هذا يعني ان المشترع اعطى للحكومة مهمة اساسية في وضع قانون الانتخاب، وزاد من اهميته بتحديد نسبة الثلثين للموافقة عليه، بدل اتخاذ القرار بالتصويت او اكثرية الحضور في المواضيع الاخرى.

المرة الوحيدة التي عملت الحكومات بهذه المادة هي عند تكليف حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لجنة سميّت لاحقا باسم الوزير فؤاد بطرس، وكان رئيس الحكومة الحالي نواف سلام عضوًا فيها وامينًا للسرّ، لدراسة قانون الانتخاب، فوضعت مشروع قانون يزاوج بين النسبي والاكثري، وارسلته الحكومة الى مجلس النواب.

مصير المشروع وما اُخذ منه وما لم يؤخذ، قضية مختلفة. لكن الأساس ان الحكومة هي التي أرسلت المشروع الى مجلس النواب وتعاملت معه منذ البداية على انه حقّ اساسيّ لها. في حين ان الحكومة الحالية تصرفت منذ اللحظة الاولى لمقاربة الانتخابات النيابية، على انها غير معنية به، وكأنها تسلّم جدلا ان القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي هي التي يفترض ان تناقش قانون الانتخاب وتصوّت عليه، بصفتها القوى السياسية الممثلة فعليًا للسياسة العامة وليس الحكومة. ولو ان لهذه القوى حسابات سياسية متناقضة ومصالح تتعلق بتأجيل الانتخابات، او نقاش بنود تتعلق بمصالح فئة على حساب أخرى.

والحكومة، التي يفترض انها "حكومة انتخابات نيابية"، بنأيها عن كل ذلك، تبتعد عن أي انتقاد يتعلق بتأجيل الانتخابات بسبب عدم الاتفاق على القانون، فلا تتحمل هذه المسؤولية امام الرأي العام المحلي والدولي. كما تحيّد نفسها عن النقاشات المتعلقة بتفاصيله، تاركة هامشًا يتعلق بادارة العملية الانتخابية اداريا واجرائيًّا. وهي تستفيد من ذلك، كونها لن تكون حكومة ظرفية تتعلق فحسب باجراء الانتخابات لتصبح اطول عمرًا، مما كان مرسومًا لها عند تشكيلها.

 ورغم ذلك فانها تصرّ على التأكيد ان الانتخابات في موعدها، وكذلك الامر رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، ليصير دورها فقط الاشراف على تنفيذ العملية الانتخابية اذا حصلت، فتكتفي بمراقبة تفاصيل لوجيستية. اما الحق الدستوري فلا شأن للحكومة به. 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي