احتفاليات حزب الله تؤجل الانتخابات

احتفاليات حزب الله تؤجل الانتخابات

فيما كان السجال دائرًا في ساحة النجمة حول قانون الانتخاب، كان النقاش الفعليّ يدور في مكان آخر، تبعًا لرؤية غربية لما جرى في لبنان منذ الانتخابات البلدية وحتى  الايام الماضية.

استحوذ المشهد الشيعي خلال اليومين الماضيين، على اهتمام خارجي  بعد"استفاقة" حزب الله، تحديدًا في اعقاب احتفاليّتين الاولى التجمع لاضاءة صخرة الروشة، والثاني الذكرى السنوية لاغتيال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. الحشد الذي اراد الحزب ايصال رسالة من ورائه، يتعدى الرد الآني على رئيس الحكومة نواف سلام، ليعطي اشارة اولى على مدى التزام الشارع الحزبي بقيادته. والاشارة تعني ان الحزب استعاد فعاليته بقوة، بعد الحشد الذي تمكن من تأمينه في الانتخابات البلدية والاختيارية.

ومنذ ان جرت الانتخابات في ايار الفائت، ورغم كل ما قيل فيها عن تسويات وتأثيرات عائلية الا ان الثنائي الشيعيّ واصل حضوره، وتمكن حزب الله من استعادة مواقعه. شكّل هذا الاستحقاق اول حالة رصد خارجية للحزب الطالع من حرب طويلة، في تمكنه من حشد بيئته خلف اللوائح التي الّفها، رغم كل الاضرار التي لحقت به جراء الحرب.

مع الاستعداد للاحتفال بذكرى اغتيال نصرالله، بعد الجمع الكبير في  التشييع، تمكن  الحزب من ان يحافظ على ايقاعه في استعادة فعاليته، وجاءت اضاءة صخرة  الروشة مع كل ما أحاط بها من توتر، ليساهم في تجميع مناصري الحزب، وليكتمل المشهد في الذكرى الاولى للاغتيال.

من الصعب على دوائر غربية تخطي  صورة الحزب في ايقاعه التصاعديّ، لان ذلك لا يعني استفاقته حصرًا لمناسبة خاصة، بل يعني انعكاسًا تلقائيًا على الاستحقاق الآتي بعد اشهر قليلة، اذا استمر اداء الحزب على هذا المنوال.

المقاعد النيابية الشيعية الـ 27 ، اصبحت منذ اندلاع الحرب، محور تجاذب سياسي بين الحزب ومعارضيه، على قاعدة محاولة جميع هؤلاء، وليس المعارضين الشيعة، ان يقلّصوا عدد النواب الشيعة الموالين للثنائي. وذلك الى الحدّ الذي يمكن ان يقال فيه ان الحزب خسر موقعه في البيئة الشيعية المعترضة على ادائه وعلى ادخالها في الحرب وسقوط ابنائها وتضرر ارزاقها. وكان معارضو الحزب يتصرفون وكان ذلك بات محسوما. لكن مع تقدم الايام بات هذا الامر مشكوك فيه.

وبحسب المعلومات فان اداء الحزب منذ الانتخابات البلدية وصولا الى الايام الماضية، اصبح عاملًا مساعدًا في تبرير غربي للموافقة على تأجيل الانتخابات النيابية لعام 2026. لان التأجيل بات شبه مرّجح، لاسباب سبق ذكرها هنا، ولا سيما لجهة اجماع القوى السياسية اللبنانية على عدم انتخاب مجلس جديد لا ينتخب رئيس الجمهورية المقبل، وعدم حماسة الحكومة لانتخابات تقصّر عمرها. الا انّ أي تأجيل، يسلكه لبنان الخاضع للمعاينة في ظل عهد جديد غير قادر على الوفاء بالتزاماته،كان يفترض موافقة خارجية. وما حققه الحزب اخيرًا، من شأنه ان يتحول ذريعة كافية لعدم اهداء الحزب " انتصارًا" جديدا على قاعدة تأكيد ولاء جمهوره له، وعدم خضوعه لتأثيرات الحرب الاسرائيلية. وبقاء صورة المجلس النيابي على ما هي عليه افضل من اعادة تثبيت شرعية الحزب. هذا كله، فيما التعويل مرة اخرى على ان ارتفاع حدّة التهديدات الاسرائيلية ستكون كفيلة بتغيير المشهد السياسي والانتخابي من الان وحتى عام 2026. وحتى ذلك الحين سيكون مشهد ساحة النجمة عبارة عن جلسات لتضييع الوقت لاخراج مدروس لتأجيل الانتخابات، وذلك بتقاطع المصالح الداخلية والخارجية.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي