اهمية الخرائط الفرنسية في التفاوض الحدودي

اهمية الخرائط الفرنسية في التفاوض الحدودي

الرئيس عون والموفد الفرنسي جان ايف لودريان

كلما زار الموفد الفرنسي جان ايف لودريان بيروت، طرحت علامات استفهام متكررة حول الدور الفرنسي في مرحلة اميركية بحت. فالاميركيون يفرضون ايقاعهم على لبنان، من دون ان يتركوا مجالًا لاي طرف آخر بالقيام بتحرك مواز، يمكن النفاذ منه الى ساحة باتت واشنطن تضع يدها عليها.

وتنطلق فرنسا من موقعها في ملفين حساسين، الاول اجتماعات لجنة الميكانيزم، وحضورها فيه اساسي، مع احتساب كذلك الصداقة بين الفرنسيين والسفير سيمون  كرم كرئيس للوفد اللبناني وتقاطع الموافقة عليها اميركيا وفرنسيًّا.

وكذلك فان فرنسا التي تسعى دوما كي يكون لها حضور مثمر، تريد توسيع آفاق تحركها، ولا سيما في مجالات سبق ان كان لها دور فيها، ولو تاريخيًّا. ومن هذه الادوار، ملف الحدود اللبنانية السورية. وزيارة لورديان بعد زيارة المستشارة الفرنسية ىن كلير لوجاندر، يستكمل البحث في ملف لا يزال معلّقًا، رغم الكلام الثنائي بين لبنان وسوريا حوله، الا انه يحتاج الى دفع خارجي من اجل الانتقال به الى مرحلة جديّة.

اهمية التدخل الفرنسي على هذا الخط، هو ما تملكه فرنسا من الخرائط الدقيقة عن الحدود التي انتجها اتفاق سايكس بيكو،( وهي مختلفة عن تلك الموضوعة امام العامّة والاختصاصيين) ما يسمح لها ان تؤدي دورًا في ترسيم الحدود اللبنانية السورية. وهذه الخرائط، ضرورية للغاية، بخلاف التعامل معها لبنانيًّا باستسهال،  عمل عليها الفرنسيون تاريخيّا بدقة وتناولت كل النقاط الجغرافية، وكان سبق الحديث عنها عند نقاش ملف مزارع شبعا، مطعّمة بوسائل حديثة، ويمكن من خلالها تحديد دقيق لما هو للبنان وما هو لسوريا. والبلدان يحتاجان في ظل ما هو قائم حاليًّا من تطورات على جانبي الحدود، ومستقبل الوضع السوري، الى تحديد نهائي للنقاط العالقة. 

ولم تثر فرنسا هذا الجانب المتعلق بالخرائط التي تملكها، بمعزل عن استكمال الترسيم بحماية حدودية، تتعدى انتشار الجيش اللبناني. فتأمين حماية هذه الحدود، من الشمال الى الجنوب، واستطرادًا الى البحر من جهة اسرائيل، يصبح متلازما مع الترسيم. وان تلعب بريطانيا – كاحدى دولتي  سيكس بيكو ـــ  دورًا اساسيًّا في تأمين الحماية العسكرية بعد تجربتها مع الابراج، لا يخرج عن نطاق اميركي في الانتقال من  مرحلة حضور اليونيفيل الى وجود قوة دولية معززة على كامل الحدود بين لبنان وسوريا وبين لبنان واسرائيل.

هذا النقاش المفتوح لا شك يحتاج وقتًا لبلورته، وسيكون لواشنطن يد طولى فيه. لا سيما ان الانتقال من اليونيفيل الى القوة الدولية في ظل متغيرات  شهدتها سوريا ولبنان وتراجع دور حزب الله كعنصر مؤثر في القرارات الحدودية، سيكون عاملًا ضاغطًا. والسؤال المطروح اذا كان يفترض ان يصبح نقطة اساسية من نقاشات غير مباشرة مع اسرائيل، لانها كذلك ستملك حق الفيتو على اي قرار يتعلق بحدودها، ان لم يكن كذلك بحدود سوريا طالما انها متمسكة بالبقاء في جنوب سوريا وبانشاء منطقة عازلة فيها. 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي