عشية عطلة الأعياد جلسة الخميس محفوفة بالانقسام
في توقيت دقيق يسبق أسبوعًا واحدًا حلول عيد الميلاد والدخول في عطلة الأعياد، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه برّي دعوة إلى عقد جلسة تشريعية يوم الخميس في 18 كانون الأوّل 2025، لمتابعة درس مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول أعمال جلسة 29 أيلول المنصرم، والتي حالت الظروف السياسية دون استكمالها.
غير أنّ هذه الدعوة، على محدودية توقيتها ومضامينها التشريعية، تحوّلت مجددًا إلى عنوان للانقسام السياسي القائم اصلًا حولها. فتعذّر تأمين النصاب القانوني لا يعني فقط تأجيل الجلسة إلى السنة الجديدة، إنّما يضع البلاد على مقربة من الاستحقاق النيابي المفترض انعقاده في أيار 2026، ما يجعل أي جلسة تشريعية مقبلة رهينة التوازنات السياسية الحالية، وهو ما يراه البعض استراتيجية لتأجيل الاستحقاق.
ووفق مصادر "القوات اللبنانية" فإنّ موقفها من الجلسة لم يطرأ عليه أي تعديل، طالما أنّ اقتراح القانون الذي تطالب بإدراجه لم يُلحظ على جدول الأعمال، معتبرةً بحسب ما ذكرت مصادرها لـ" كافيين دوت برس" أنّ خيار المقاطعة لا يزال قائمًا، بوصفه موقفًا مبدئيًا غير خاضع للمساومة أو للتكيّف مع الضغوط السياسيّة الآنية.
ويتقاطع هذا التوجّه مع موقف "الكتائب"، التي تتّجه بدورها إلى مقاطعة الجلسة للأسباب نفسها، ما يفتح الباب أمام احتمال تعذّر تأمين النصاب القانوني، ويعيد طرح سؤال جوهري حول وظيفة السلطة التشريعية في ظل الاصطفافات السياسية الحادّة.
وكان نائب رئيس المجلس النيابي النائب إلياس بو صعب صرّح بأنّ جلسة الخميس هي دعوة حصلت من دون دعوة هيئة مكتب مجلس النواب، ما يعني أنه من حق رئيس مجلس النواب أن يدعو إليها استكمالًا لجدول الأعمال الموجود، والذي لم ينته، وبالتالي إذا انعقدت الجلسة وتوافر النصاب، يحق لرئيس المجلس عندها أن يرى ما إذا جرى التوافق على إضافة القوانين التي أقرت اليوم( امس). هذا الأمر يعود إلى رئيس المجلس النيابي. حالياً، الدعوة قائمة على جدول الأعمال الذي لم نستكمله في المرة الماضية".
وفي هذا الاطار تتبلور مقاربة مغايرة لدى كلّ من "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحرّ" والحزب "التقدمي الاشتراكي"، تقوم على ضرورة الفصل بين الخلافات السياسية ومتطلبات العمل التشريعي. إذ تؤكّد مصادر حركة "أمل" لـ " كافيين دوت برس" أنّ جدول أعمال الجلسة يتضمّن مجموعة من القوانين ذات الطابع المعيشي والخدماتي، التي تمسّ مصالح المواطنين بصورة مباشرة، معتبرةً أنّ الذهاب إلى الجلسة يأتي انطلاقًا من مبدأ أنّ التشريع في هذه المرحلة لم يعد خيارًا، إنّما حاجة وطنية ملحّة.
وتلفت هذه المصادر إلى أنّ المشاركة في الجلسة ستبقى مرتبطة بالغاية منها، فإذا تأمّن النصاب وجرت عملية التشريع لمصلحة الناس، يكون المسار قد أصاب هدفه، أمّا إذا غلب البعد السياسي وتعطّلت الجلسة، فإنّ مشهد المقاطعة سيبقى سيّد الموقف.
من جهته، يشدّد "التيار الوطني الحرّ، عبر مصادره، على أنّه لم يعتمد يومًا سياسة المقاطعة في العمل التشريعي، وأنّ مشاركته في جلسة الخميس تأتي انسجامًا مع هذا النهج، وحرصًا على تأمين النصاب، معربًا عن أمله في أن تتقدّم الاعتبارات الوطنية على الحسابات السياسية.
وحذّر "التيار" من أنّ استمرار تعطيل التشريع يفاقم الأزمات ويعمّق الشلل المؤسساتي، لافتًا إلى وجود قوانين أساسية معلّقة، في مقدّمها قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي يشكّل ركيزة لإطلاق مشاريع إنمائية حيوية، أبرزها تحريك مشروع مطار القليعات، بما يحمله من انعكاسات اقتصادية وتنموية على المستوى الوطني.
وعليه، تبدو الجلسة التشريعية المرتقبة أكثر من مجرّد استحقاق عابر عشية الأعياد، إذ تشكّل اختبارًا إضافيًا لمدى قدرة القوى السياسيّة على الخروج من منطق التعطيل والانتقال إلى مقاربة تشريعية مسؤولة، في وقت يرزح فيه لبنان تحت وطأة أزمات متراكمة لم تعد تحتمل مزيدًا من الفراغ أو الاشتباك السياسي.