رهان اسرائيل وحزب الله على الوقت( 2 /2)
عملية اغتيال المسؤول الامني والعسكري في حزب الله هيثم الطبطبائي، ليست مجرد عملية اغتيال من المنظور الاسرائيلي. لانها تأتي في توقيت لا يتعلق فحسب بالحسابات الاسرائيلية في تصفية رموز حزب الله وقادته. انما باعتبارها بداية لسيناريو مرسوم ينتظر حزب الله، في ظل المهلة المعطاة للبنان من اجل الانتهاء من عملية حصر السلاح.
لعبة الوقت التي تراهن عليها اسرائيل، تختلف عن لعبة الوقت التي تنتظرها ايران. في الحسابات الايرانية ومعها حزب الله، رهان على الوقت حتى السنة المقبلة، وانشغال الادارة الاميركية بالانتخابات النصفية، ما يسمح لايران باعادة توازانتها في المنطقة، بدءا من سوريا وتلقائيًا لبنان. لكن في الحسابات الاسرائيلية، توقيت الانتخابات النصفية، ملائم من اجل استعجال تنفيذ الخطوات التي تريدها من اجل الانتهاء من مشكلة حزب الله.
ماذا تريد اسرائيل من الحزب؟
ثمة اسئلة كانت تتردد منذ بعض الوقت حول احتمال صياغة واشنطن واسرائيل تفاهمات مع ايران في شأن المنطقة، وحزب الله في لبنان، بعدما وصلت الى افق مسدود مع السلطة في لبنان، وبعدما فشلت القوى السياسية المناهضة للحزب في ايجاد صيغة فضلى من اجل حصر السلاح. هذه الاسئلة لم تُسحب بعد من التداول، في ظل كلام قديم يتجدّد دوما، ان اسرائيل تريد القيام بترتيب مع الخصم القوي، الذي يمثّله حزب الله، بدل القيام بتفاهم وتفاوض مع سلطة ضعيفة.
لكن في المقابل تقدمت اكثر على الطاولة، فكرة ضرورة نزع سلاح الحزب في اقرب وقت، حتى لو كان الامر سيؤول لاحقًا الى تفاهم ما. بالنسبة الى واشنطن وتل ابيب، فأن الاولوية صارت نزع السلاح، جنوب الليطاني وشماله. ولم يعد المطروح فقط منطقة خالية من السلاح بل منطقة خالية من الحزب وتحويل حزب الله حزبًا سياسيًّا شمال الليطاني.
الرسائل الاميركية والاسرائيلية والمصرية( التي نقلت منذ اللحظة الاولى انذارات لا مبادرات) تشدّد على ان لا تراجع اسرائيليًّا عن استهداف حزب الله استهدافًا كاملًا. ما يعني ضربات محدّدة من نوع ما حصل اخيرًا في الضاحية، بهدف شلّ قدرات الحزب نهائيًّا، وقد لا يكون الامر محصورًا بالحزب وحده. وبحسب ما يتردّد من ان العمليات ستكون نوعيّة لا حربًا بالمعنى الواسع، فان السؤال المركزي الاميركي يدور حول فكرة، ان لا حرب دارت في لبنان خلال السنتين الاخيرتين، بل حرب من جهة واحدة اي اسرائيل.
اما عن المهلة التي جرى الحديث عنها الى آخر السنة الحالية، فهي مهلة ممدّدة، بعدما كان الاميركيون انتزعوا من الاسرائيليين تمديدها من تموز الفائت الى نهاية كانون الاول.
ثمة استغرب اميركي حول تخفيف لبنان من حدّة الانذارات التي تصله، عبر كل القنوات الممكنة وبعبارات صريحة، وتعامل حزب الله معها كذلك على انها لن تتخطى خطوطًا مرسومة. فيما الواقع ان لا خطوط مرسومة كي تتخطاها اسرائيل، التي تمعن منذ وقف اطلاق النار خلال سنة في عمليّاتها وتتوسع في قاعدة الاهداف، من دون اي اعتبار لاتفاق وقف النار. وهذا يعني ان الاتفاق ساقط في نظرها تلقائيًّا، وانها قادرة على تجاوزه ساعة تريد. وهذا يعني كذلك انه فيما لبنان غارق في الاستعداد لزيارة البابا واحتفالات عيد الميلاد، وفيما حزب الله مكبّل اليدين، تذهب اسرائيل الى فرض ايقاع جديد، ليس على الجنوب فحسب انما على لبنان ككل. والانذارات ليست مجرد جرس انذار بل انها في طريقها الى ان تتحول حقيقة واقعية.