رهان اسرائيل وحزب الله على الوقت (1\2 )
حشود لحزب الله في تشييع نصرالله ( المنار)
لا تزال عملية اغتيال المسؤول الامني والعسكري هيثم الطبطائي تخيّم على الحدث السياسي. من يعرف الرجل، من الجوّ الحزبّي والمحيط به، يتحدث عن شخصيّة خارجة عن المألوف، وعن تراتبيته التي تفوق ما هو معروف. ومن لا يعرفه فوجىء بالاسم وبدوره وبأهميته الحزبية وفي العلاقة بين الحزب ووجوده حيث الامتداد الخارجي.
والاهتمام بالعملية، يأتي من امرين اساسيين، الاول الانعكاس المباشر على الحزب عسكريًا وشعبيًا، والثاني ترتيب العملية في التحضيرات الاسرائيلية لاستهداف الحزب.
من دون شك، فان الضربات المتتالية منذ سنة وحتى الان، تركت اثرها على البيئة الشعبية، وان كان جمهور الحزب الذي لا يزال يواليه محتفظًا بقاعدة اساسية. وجرى التعبير عنها في اكثر من مناسبة سواء في مأتم الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله او اضاءة صخرة الروشة والاجتماع الكشفي، لكن هذا التعبير عاطفيّ بقدر ما هو سياسيّ. الا ان حالات الاستهداف المستمرة، تترك اثرًا باعتراف ابناء البيئة نفسها، وكلما طال امد الاستهداف والحرب بعنوان الاغتيالات، اصيب الجسم الاجتماعي بشظايا اكثر فأكثر. ما تراهن عليه اسرائيل، عامل الوقت الذي يجعل البيئة تئن تحت وطأة الضائقة الاقتصادية والاجتماعية التي تتأثر حكمًا بالوضع العسكري. وغياب قيادات اساسية يجعل تقبّل الامور على مضض اصعب من اي وقت آخر، شهده الحزب الذي تعرض في سنتين لضربات متتالية جعلته بحسب تعبير احد السياسيين يتراجع بسرعة "من اقصى القوة الى الوضع الصعب" ، ولم يتراجع تدريجًا كما غيره من الاحزاب. وهذه السرعة هي المقلقة في ما يعانيه اليوم، لفقدان ترتيب الامور بطريقة سويّة تعيد تنظيم الحزب كما يفترض ان يكون عليه.
ما يخشاه الحزب في ان تكبر دائرة الاعتراضات الداخلية، اذا ما استمرت اسرائيل في عملياتها من دون ان يكون للحزب اليوم القدرة على الردّ بما يتناسب مع حجم الاعتداءات الاسرائيلية. والمشكلة المضاعفة ان الامر سيرتدّ ليس على بيئة الحزب وحدها بل على البيئة الشيعية – للثنائي- الذي يعاني كذلك من مشكلة ارث حركة " امل" ووراثتها. وهذا لا يعني رجحان كفة التغييرين من خارج اصطفاف الثنائي، نظرا الى فقدان هؤلاء العناصر الحقيقية التي تجعلهم ندًا موثوقًا كمعارضة للثنائي. بذلك يلعب عامل الوقت لعبته ضد حزب الله ومعه في آن. لان الحزب الذي يراهن على ان تقلب ايران الطاولة من الخارج في سوريا ضد النظام وضد تركيا او من اليمن ، يسعى الى كسب الوقت، وهو مكبّل في الداخل عن القيام باي عملية ردّ على اسرائيل لاستعادة الحضور الشعبي ، رغم اطمئنانه الى هذا الحضور في الانتخابات بحكم الامر الواقع. كما انه مطمئن الى الحضور السياسي الذي لا يزال يمثّله في السلطة، ويغطيه بذلك رئيس الجمهورية والحكومة والجيش والجسم الاداري كله. وهذا من شأنه ان يضيف اليه مكاسب تقيه من عثرات الاستهداف الداخلي.
اذا كان تشبيه وضع الطائفة الشيعية اليوم بوضع المسيحيين بعد تفجير سيدة النجاة، فان المقارنة تعطي للثنائي اليوم، مجالًا اوسع في الانتقال من مرحلة الى اخرى. لكن بقدر ما كانت سوريا تحكم قبضتها على الوضع اللبناني فتزيد من حدّة التراجع المسيحي، تعمل اسرائيل اليوم على تعطيل ايّ امكانيّة لاستعادة الحزب قدراته.
غدا ماذا تريد اسرائيل من حزب الله