نداء البابا : الشرق الاوسط يحتاج الى صفحات جديدة باسم المصالحة والسلام

نداء البابا : الشرق الاوسط يحتاج الى صفحات جديدة باسم المصالحة والسلام

البابا في القداس الاحتفالي

أنهى البابا لاون الرابع عشر زيارة استمرت ثلاثة ايام، توّجها بالنداء الذي اطلقه في ختام احتفاله بالقداس الالهي في الواجهة البحرية لبيروت.

 وكان البابا بدأ يومه الثالث بزيارة مستشفى ودير الصليب في جل الديب، حيث القى كلمة شكر فيها العاملين وطاقم المستشفى وقال" "ما نشهده في هذا المكان هو عبرة للجميع، ولأرضكم، لا بل وللبشريَّة جمعاء: لا يمكن أن ننسى الضّعفاء، ولا يمكننا أن نتصوَّر مجتمعًا يركض بأقصى سرعةٍ وهو مُتَشَبِّثٌ بأوهامِ الرّفاهيةِ الزّائفة، متجاهلًا حالاتٍ كثيرة من الفقرِ والهشاشة. نحن المسيحيّين، كنيسةَ الرّبِّ يسوع، مدعوّون بصورةٍ خاصّة إلى الاهتمامِ بالفقراء: الإنجيلُ نفسُه يطلبُ منّا ذلك".

البابا في مستشفى ودير الصليب ( موقع الفاتيكان)

ثم انتقل الى بيروت حيث احتفل بالذبيحة الالهية والقى عظة جاء فيها:" من هذا المكان الرّحب المطلّ على البحر، أستطيع أنا أيضًا أن أشاهد جمال لبنان الذي تغنَّى به الكتاب المقدّس....وفي الوقت نفسه، هذا الجمال يغشاه فقر وآلام، وجراح أثَّرت في تاريخكم، فقد كنت قبل قليل أصلّي في موقع الانفجار في المرفأ، وتغشاه أيضًا مشاكل كثيرة تعانون منها، وسياق سياسيّ مهلهل وغير مستقرّ، غالبًا، وأزمة اقتصاديّة خانقة ترزحون تحت عبئها، وعنف وصراعات أعادت إحياء مخاوف قديمة".

واضاف" يجب أن يقوم كلّ واحد بدوره، وعلينا جميعًا أن نوحّد جهودنا كي تستعيد هذه الأرض بهاءها. وليس أمامنا إلّا طريقٌ واحدٌ لتحقيقِ ذلك: أن نَنزِعَ السّلاحَ من قلوبِنا، ونُسقِطَ دروعَ انغلاقاتِنا العرقيّةِ والسّياسيّة، ونفتحَ انتماءاتِنا الدّينيّةَ على اللقاءاتِ المتبادَلَة، ونُوقِظَ في داخِلِنا حُلْمَ لبنانَ الموحَّد، حيث ينتصرُ السّلام والعدل، ويمكنُ للجميعِ فيه أن يَعتَرِفَ بعضُهم ببعضٍ إخوةً وأخوات". وختم "هذا هو الحلم الموكول إليكم، وهذا ما يضعه إله السّلام بين أيديكم: يا لبنان، قم وانهض! كُن بيتًا للعدل والأخوَّة! كُن نبوءة سلام لكلّ المشرق!"

وفي الختام وجه النداء الاتي: 

 " في هذِه الأيّام، خلال زيارتي الرّسوليّةِ الأولى، التي قُمتُ بها في سنةِ اليوبيل، رغبتُ في أن أكونَ حاجًّا للرّجاءِ في الشّرقِ الأوسط، وأن ألتمسَ مِن اللهِ عطيّةَ السّلامِ لهذِه الأرضِ الحبيبة، التي اتَّسَمَت بعدمِ الاستقرارِ والحروبِ والألم.

أيُّها المسيحيُّون الأعزّاء، مسيحيُّو المَشرِق، إذا تأخَّرَت ثمارُ جهودِكم في سبيلِ السّلام، أدعوكم إلى أن تَرفَعُوا نَظَرَكم إلى الرّبِّ يسوع المسيح الذي سيأتي! لِنَنظُرْ إليه برجاءٍ وشجاعة، ولْنَدعُ الجميعَ إلى أن يسيروا على طريقِ العيشِ معًا، والأخوّة، والسّلام. كونوا بُناةَ سلامٍ، ومُبَشِّرِي سلامٍ، وشهودَ سلامٍ!

الشّرقُ الأوسط بحاجةٍ إلى مواقِفَ جديدة، لِرَفضِ منطقِ الانتقامِ والعنف، ولتجاوِزِ الانقساماتِ السياسيّةِ والاجتماعيّةِ والدّينيّة، ولفتحِ صفحاتٍ جديدةٍ باسمِ المصالحةِ والسّلام. سَلَكنا طريقَ العِداءِ المتبادلِ والدّمارِ في رُعبِ الحروبِ زمنًا طويلًا، وها نحن نشهدُ جميعًا النّتائجَ الأليمة لذلك. يجبُ علينا أن نُغَيِّرَ المسار، ونُرَبِّيَ القلبَ على السّلام.

مِن هذه السّاحة، أُصلِّي من أجلِ جميعِ الشّعوبِ التي تتألّمُ بسببِ الحرب. وأُصلِّي أيضًا وكلّي رجاء أن يَتِمَّ الوصول إلى حلٍّ سلمِيّ للخلافاتِ السّياسيّة الرّاهنة في غينيا بيساو. ولا أنسَى ضحايا الحريقِ في هونغ كونغ وعائلاتهم العزيزة.

وأُصلِّي بشكلٍ خاصّ مِن أجلِ لبنان الحبيب! وأجدِّدُ ندائي إلى المجتمعِ الدَّوليّ ألَّا يُدَّخِرَ أيَّ جَهدٍ في تعزيزِ مساراتِ الحوارِ والمصالحة. وأُوَجِّهُ نداءً مِن كلِّ قلبي إلى كلِّ من أُوكِلَت إليهم المسؤوليّةُ السّياسيّةُ والاجتماعيّة، هنا وفي جميعِ البلدانِ التي أنهَكَتها الحروبُ والعنف: أصغُوا إلى صراخِ شعوبِكم التي تَطلُبُ السّلام! لِنَضَعْ أنفسَنا كلَّنا في خدمةِ الحياة، والخيرِ العام، والتّنميةِ المتكاملةِ للإنسان.

وأخيرًا، أنتم مسِيحِيّي المَشرِق، المواطِنينَ الأصلِيِّينَ أصحابَ هذِه الأراضيّ، أُكَرِّرُ وأقولُ لكم: تَشَجَّعُوا! كلُّ الكنيسةِ تَنظُرُ إليكم بمودّةٍ وإعجاب. لِتَحفَظْكُم دائمًا سيِّدَتُنا مريمُ العذراء، سيِّدَةُ حريصا".( عن موقع الفاتيكان )

ومن المطار وجه البابا كلمة وداعية جاء فيها " نأمل أن نُشرِكَ في هذا الرّوح من الأخوة والالتزام بالسّلام، كلَّ الشَّرِقِ الأوسط، حتّى الذين يعتبرون أنفسهم اليوم أعداء".

وختم  باطلاق النداءً الاتي:" لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَر جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط ! لِنَتَذَكَّرُ ما قاله لكم القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني : لبنانُ َأكثرُ من بلد إنّه رسالة ! لِنَتَعلَّمْ أن نعمل معا ونرجو معًا لِيَتَحَقَّق ذلك. بارك الله شعب ،لبنان، وجميعكم، والشرق الأوسط، وكلَّ البشريّة !".

اقرأ المزيد من كتابات كافيين دوت برس