الاقتصاد في خدمة اسرائيل للتفاوض مع لبنان

الاقتصاد في خدمة اسرائيل للتفاوض مع لبنان

القصف على جباع ( الوكالة الوطنية )

استجابة لبنان للضغط الاميركي بانضمام مدني الى "الميكانيزم"، جاءت متأخرة بحسب الجوّ الاميركي المقرّب من الادارة الاميركية. لا يعني ذلك انها لم ترحّب بها، لكن ذلك يعني ايضًا، ان الامور ستطول اكثر من المتوقع. فما كان ينبغي ان ينتهي في الاشهر الماضية، حين بدأ الكلام بعد الانتخابات الرئاسية عن توسيع التفاوض الى الجانب السياسي، سيتأخر اشهرّا اضافية. 

وهذا يترجم لبنانيًّا، بان اسرائيل ستطلب تنازلات اكثر مما طلبته حتى الان.

اما اميركيًّا، فالتفاوض السياسيّ الذي بدأ، هو خطوة اولى، وليست نهائية، فهناك مقرّبون من الادارة الاميركية لا يزالون يضغطون من اجل انقاذ لبنان من السيناريوهات التي وضعتها اسرائيل. الا ان هؤلاء لم ينجحوا تماما في اقناع الجانب الاميركي المقرِّر، في لجم اسرائيل. لا بل ان اسرائيل ستعمل على توسيع شروطها التفاوضية عسكريّا وسياسيًّا واضيف الى ذلك الجانب الاقتصاديّ الذي تحدث عنه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

اما عسكريّا، فمن الصعب الاعتقاد، ان توسيع اللجنة بترؤس السفير سيمون كرم لها، كمدنيّ، يعني ان اسرائيل تراجعت عن تهديداتها بالنسبة الى جنوب الليطاني ..وشماله. وهي تعمّدت في اليوم التالي لاجتماع الميكانيزم، ان تقصف اهدافًا محدّدة، بعد انذارات وجهتها الى قرى جباع والمحرونة ومجادل وبرعشيت. وهذا تفسيره في عرف مصادر لبنانية ان اسرائيل بعدما هددت بمساواة لبنان كدولة وكجيش مع حزب الله، قصدت بعد انضمام موفد مدني، القصف على مواقع اعتبرتها تابعة لحزب الله، بمعنى التمييز بين السلطة السياسية التي فاوضتها في الناقورة وبين حزب الله. وبعد الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة وخلفها اسرائيل على قيادة الجيش وافشال زيارة العماد رودولوف هيكل الى واشنطن، في محاولة لخلق شرخ مماثل، تريد مضاعفة الضغط. وهي تدرك حجم ردة الفعل المعارض من جانب حزب الله على التفاوض السياسي، وما يمثله قصفها للمناطق الجنوبية من زيادة التباين على مبدأ التفاوض، بين حزب الله والسلطة السياسية التي تأخرت في التجاوب مع الرغبة الاميركية. ومع ذلك فهي ستكون معرّضة لمزيد من الارباكات بعدما ضاعفت اسرائيل من شروطها وتوسّعت فيها.

 فالكلام الاسرائيلي عن عناوين اولى حول الشقّ الاقتصاديّ،  يشكّل بداية خروج اللجنة عن مسار يفترض انه مرسوم بدقة. وهو يحمل وجهين، المنطقة الاقتصاديّة التي كان تحدث عنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وما يعني ذلك من تأكيد على منطقة عازلة تشمل زيادة الاستثمارات في المنطقة وجعلها واجهة اقتصادية بين البلدين. اما الجانب الآخر، فهو التلويح الاوسع مدى، بان التفعيل الاقتصادي، بمثابة السقف الذي يحتاجه لبنان، من اجل تعزيز استقراره، اصبح في يد اسرائيل. ويترجم على مستوى الدول التي تهتم بدعمه ماليّا واقتصاديا، وهذا لن يتمّ على ايدي ايّ من الشركاء في المنطقة وخارجها، من دون مفاوضات موّسعة وشاملة بين لبنان واسرائيل.وبذلك يصبح الاقتصاد الورقة التي يملكها المفاوض الاسرائيلي، الذي يطالب بتنازلات اكثر، في حال لم يلبّ لبنان طلب حصر السلاح.

وبين السياسة والعسكر والاقتصاد، لا يبدو  ان الاوضاع اصبحت فجأة في حالة هدنة طويلة او ان انفراجات سجّلت، بل ان الشروط مرشّحة لان تتضاعف، تماما كما التحذيرات التي لن تتوقف قريبًا.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي