تضييق أوروبي وإغلاق حسابات لبنانيين
يواجه لبنانيون صعوبات متزايدة في عدد من الدول الأوروبية في فتح حسابات مصرفية أو المحافظة عليها. اذ يسجل ارتفاع في إقفال حسابات قائمة أو تعقيد إجراءات فتح حسابات جديدة، خصوصاً عندما تعتبر المصارف أنّ ملف الزبون لا يستوفي بالكامل شروط «الامتثال» (compliance) الصارمة على اللبنانيين منذ العام 2020، وفي هذه المرحلة خاصة مع الضغوط الدولية لنزع سلاح حزب الله.
ولا يقتصر الأمر على الأفراد، بل ينسحب أيضاً على التحويلات المالية نحو شركات ومؤسسات لبنانية، حيث ترفض بعض المصارف المراسلة تمريرها بحجة احتمال استفادة حزب الله منها، حتى عندما تكون وجهة التحويل واضحة ومرفقة بعقود وفواتير. المفارقة أنّ الجهات الدولية نفسها تشدد على محاربة اقتصاد الكاش وتُريد إعادة جميع العمليات المالية عبر المصارف. لكنها في المقابل تعرقل التحويلات النظامية وتترك الناس أمام انسداد مزدوج: التحويل غير مسموح، كلّ مبلغ نقدي «مُشتبه به»، كيف يُسيّر الناس أعمالهم؟
يأتي هذا التشدد مع إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)، ثم على اللائحة السوداء الأوروبية التي تضم الدول المصنفة «عالية المخاطر» في ما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. هذا التصنيف المزدوج جعل المصارف العالمية تُصبح أكثر تشدداً مع أي حركة أموال مرتبطة بلبنان أو بمواطنيه، حتى لو كانت لأغراض مشروعة وموثقة.
لبنان الذي لم ينجح بعد في معالجة انهياره المالي أو إعادة هيكلة قطاعه المصرفي، مُهدّد أكثر من أي وقت مضى في تطبيق الحصار المالي بشكل كامل. البداية عبر محاصرته بالتصنيفات «الرمادية» وفرض القيود على حسابات الخارج. التداعيات الحقيقية هي على اللبنانيين في الداخل، الذين يدفعون ثمن عدم إجراء محاسبة، تحديد المسؤوليات، وتوزيع الخسائر في شكل عادل.