مياه تنورين النظيفة والحكومة الغائبة عن السمع
رئيس مجلس ادارة مياه تنورين
اما وقد صدرت نتائج الفحوص المخبرية وثبتت صحة مياه تنورين، فهل تلجأ الشركة الى القضاء لاسترداد سمعتها التي شوّهتها الحكومة وليس وزير الزراعة وزير الصحة بالوكالة فحسب، في لبنان والخارج. ومن الذي سيعوّض على الشركة الاضرار التي لحقت بها، وزارة الزراعة او الصحة او الحكومة مجتمعة ؟
يبدو ان لبنان الرسمي استساغ نهب حقوق الناس كما فعلت المصارف، واصبحت حقوق الشركات والمصانع عرضة للابتزاز. فمهما كانت التبريرات التي اعطاها وزير الزراعة نزار الهاني على مدى يومين، ومهما كانت توضيحات وزير الصحة الاصيل ركان نصار الدين، فان ما حصل هو نموذج من سياسة حكومية عشوائية في معالجة ملفات تبدو في ظاهرها امورًا ادارية بسيطة لتصبح ملفًا متفجّرًا من كل جوانبه.
قبل اسبوعين وقفت الحكومة عاجزة عن معالجة ملف النفايات المتكدّسة في الشوارع، ولجأت الى حلّ موقت في معالجة جزئية لنفايات تملأ الشوارع. في حين انها لا تستطيع حلّ مشكلة بسيطة من مجمل ملف التلوث البيئي الذي ضرب مياه لبنان الجوفية والانهر والينابيع ومياه الشفة، والروائح الكريهة التي تملأ بيروت ومعظم مناطق جبل لبنان، وجبال النفايات، ومنها الملوث من المستشفيات والمصانع، ومياه المجاري الصحية القذرة التي تتسرب الى الطرق. اضافة الى مرضى السرطان الذين اصبحوا بالمئات ان لم يكن بالالاف في مستشفيات لبنان.
كل ذلك، لم تجد الحكومة اي سبب مقنع لمقاربته، لا وزارة الصحة ولا وزير الزراعة بالوكالة. لذا يصبح غير منطقي مطلقًا الاقتناع ان هناك من استفاق فجأة،لاسباب اخلاقية، حكومة او ووزراء، للاهتمام بصحة المواطن اللبناني من خلال قنينة تنورين.
الكتابة دفاع عن تنورين ، لكن اكثر من ذلك، لان لا احد يريد شرب مياه ملوثة، المطلوب اجوبة حقيقية وتوضيحات من الحكومة وليس من وزير وحده. لان المشكلة تحولت الى قضية طائفية وسياسية واقتصادية واخلاقية وصناعية وكارثة مالية اصابت الشركة باضرار فادحة في لبنان وسمعتها في الخارج. فالحكومة مسؤولة عن ان القضية تحولت طائفيًّا، بسبب مواقع التواصل الاجتماعي التي هي تشكل جزءا كبيرا من الازمة. لأن من وراء القضية استغلّوا هذه المواقع لخلق فضيحة وهمية، وهم على ثقة بان هذه المواقع ستساعد في نشر النميمة على الطريقة اللبنانية. وساهم في تذكية الازمة ان اصواتا مسيحية صبّت غضبها على وزير الصحة الشيعي وعلى حزب الله، فيما ان صاحب القرار اساسًا هو وزير الزراعة. والمشكلة الثانية هي ان شخصيات درزية دخلت على الخط للدفاع عن وزير الزراعة، واخرى حملّته مسؤولية مباشرة نتيجة مشكلات منافسة تجارية مع شركة مياه اخرى.
والتعامل مع المشكلة طائفيّا، غطّى على الاسباب الحقيقية التي جعلت شركة تنورين في مرمى الاسهم التي طالتها، وهنا دور الحكومة ودور القضاء.
لماذا تُرك الملف يتفاعل اعلاميًّا وسياسيًّا وشعبيًّا من دون ان تتحرك الحكومة لتبيان صحة ما يحصل. خصوصا ان الازمة طالت قطاعا صحيًّا واقتصاديًّا يتعلق بسمعة المياه اللبنانية ومصالح اقتصادية يفترض بالحكومة الدفاع عنها في وجه من يستهدفها. ولماذا يُقفل الملف من دون كشف كل الوقائع التي كانت وراء الازمة، بدل تسريب معلومات وبيانات متناقضة. فطيّ الازمة من دون معالجة جذرية سيجعل اي قضية تلوث حقيقيّ وليس وهمي، عرضة للتشكيك. كما ان على الحكومة ان تدافع عن سمعة المنتجات اللبنانية بدل تشويهها لصالح منافع شخصية.
الحكومة مسؤولة اولا وآخرا. والوزير يفترض الا يتصرف وكأن لا خيمة فوق رأسه سوى خيمة حزبه او فريقه السياسي، مهما كانت هويته وطائفته.