مسيحيو المناطق الحدودية: القلق على المصير اهمّ من الانتخابات

مسيحيو المناطق الحدودية: القلق على المصير اهمّ من الانتخابات

من الانتخابات النيابية في رميش

ربما كان اهالي المنطقة الحدودية الجنوبية، والمسيحيون منهم تحديدا من أكثر الفئات اللبنانية التي لا تستطيع أن ترسم لها طريقًا واضحًا في المسارات الإنتخابية النيابية، ومنها الإنتخابات المزمع إجراؤها في أيار من السنة المقبلة.  
أمور عديدة أساسية لا تريحهم في الإنتخابات، ويأتي في مقدمها القانون الإنتخابي الذي يحرم مسيحيي قضاءي بنت جبيل وصور من تسمية نائب مسيحي يمثلهم. بالرغم من مساعي بعض نواب منطقتهم من إشعارهم بتمثيلهم وحمل همومهم وهواجسهم. كما أنهم يدركون أن تأثيرهم في العملية الإنتخابية محدود في الدوائر الإنتخابية الواسعة نسبيًّا، بينما كان لهم تأثيرٌ في الدوائر الإنتخابية الضيقة، كما حالها سابقا. 

وأمر آخر يعيشونه حاليا، وهو وإن كان قد أُعلن عن توقف الحرب، إلا أن مفاعيلها ومظاهرها لا تزال مستمرة. فالقرى المحيطة بهم مدمّرة، كما إجزاء من بعض قراهم. وسكان هذه القرى لم يعودوا إليها إلا بأعداد قليلة. ولا تزال العمليات العسكرية جارية، وأصوات الطائرات والمسيّرات فوق رؤوسهم. وإلى الآن لم تنجل الأمور نحو المستقبل، بل إن هواجسهم تزداد وتخوفهم يتعمق.كل هذه الأجواء تجعل الإستحقاق الإنتخابي يبدو عملية غريبة، نوعا ما، عنهم . فهي عملية ولادة في ظروف غير صحيّة تماما. فالقلق على المستقبل والمصير، أهم من عملية ديموقراطية لن تقدّم أو تؤخّر، بنظرهم، شيئا.

أمام هذا الواقع ، يطرح عدد كبير من مسيحيي المنطقة الحدودية السؤال : ماذا فعل لنا نوابنا، وماذا فعلت لنا الأحزاب المسيحية التي نتعاطف معها؟

النائب بيضون

موقع "كافيبن دوت برس" حمل هذا السؤال الى المعنيبن . يقول نائب بنت جبيل عن "كتلة التحرير والتنمية" الدكتور أشرف بيضون" نحن محكومون بلعنة الجغرافيا، فعلى حدودنا عدو له أطماع بأرضنا. ومن جهة ثانية هناك إهمال مزمن من الدولة لهذه المنطقة. أما من جهتنا كنواب، فنحن لم نغادر منطقتنا إلا في الشهرين الأخيرين من حرب الإسناد".  

وعن الإتهام الذي يوجهه بعضهم، من أن هناك تمييزًا في التعاطي الرسمي على الاساس الطائفي أو الإنتماء السياسي، إستغرب بيضون هذا الكلام وأكد أن "المعاناة موجودة على مستوى كل مساحة الخط الأمامي من الجنوب، وأن مؤسسات الدولة العاملة في المنطقة لا تميّز ابدًا بين مواطنيها".  

واستعرض بيضون جملة من المشاريع من بنى تحتية وطرق التي قام بها مجلس الجنوب في القرى المسيحية تحديدا، وأخرى أجري لها دراسة وهي قيد التنفيذ . 

وعن اتهام البعض ايضا بقطع المياه، اعترف بيضون ان المياه تقطع، ولكن عن قرى بأكملها دون تمييز. فمثلا خط المياه الآتي من وادي جيلو تحصل تعديات عليه، فتنقطع المياه عن كافة قرى قضاء بنت جبيل.  

وخلص الى ان الدولة غائبة عن الجميع في المنطقة الحدودية، ولولا عمل مجلس الجنوب ومؤسسة الريجي لما "شممنا ريحة دولة ". ويضيف إليهما وزارة الأشغال التي أنجزت ملفات ٣٦ قرية في قضاء بنت جبيل، وهي في صدد تنفيذ مشاريع فيها. 

علم : القوات تحمل مسؤولية وطنية 

مندوب رئيس القوات اللبنانية في بعض مناطق الجنوب المهندس جان علم، يرى بدوره"  أن الأحزاب وُجدت أساسا لبناء الدولة ومؤسساتها، وترسيخ منطق القانون والعدالة والمواطنة. وهذا هو جوهر رسالتنا. ولكن في ظل غياب الدولة وتقصيرها المزمن، اضطر الحزب، من منطلق مسؤولياته الوطنية والإجتماعية، الى القيام بدور مكمل. فكانت مساهمته في تقديم مساعدات طبية وأدوية لمن يحتاجها من أهلنا دون تمييز وذلك منذ أزمة الكورونا، ودعم الطلاب، والعائلات في الأزمة المعيشية، والإسهام في مشاريع تنموية وخدماتية. وكان للقوات دور هام في الوقوف الى جانب الناس قضائيًا، الذين تحملوا تبعات وضع ما قبل العام ٢٠٠٠، عن غير وجه حق. كما عملت مع المرجعيات السياسية والروحية على تثبيت الناس في أرضهم، وعدم تهجيرهم منها".

جان علم

الكتائب :  القرى الحدودية من صلب لبنان  

بدوره رئيس إقليم بنت جبيل وصور الكتائبي  شربل لوقا، وردًا على التساؤل، ماذا فعلت الاحزاب لاهل الجنوب، أكد "أن الأحزاب ليست جمعيات خيرية كي ننتظر منها مساعدة عينية أو أموال. الكتائب موجودة في هذه المنطقة منذ ما قبل الإستقلال، وهي قدمت لكل لبنان القوانين والتشريعات والشهداء، ومن ضمنها منطقتنا. فالكتائب لم تميّز قرانا الحدودية عن الداخل، وتعتبرها من صلب لبنان واستمراريته. الأمر لا يقاس بما قُدم لنا أو بما قدّمنا. نحن حركة سياسية تقف إلى جانب أهلها في الوقت الصعب، ومن هذا المنطلق استعملت، ولا تزال، علاقاتها في الداخل والخارج، لتحافظ على وجود أهلنا في هذه المنطقة". 

يضيف لوقا " نعم تحولت الكتائب الى جمعية خيرية لدعم الناس في حرب الإسناد، فمنذ اليوم الأول، استنفرت القيادة مع الأمانة العامة، وطلب من كل المناصرين في الداخل، العمل على تأمين إقامة للنازحين، وفتحت أقسام كتائبية لهذه الغاية. وحرص الحزب على أن ينال النازحون من أهلنا، أفضل رعاية، مع حفظ كراماتهم. فأمنت لهم الوجبات الغذائية الجاهزة والأدوية والملابس. كما تم تأمين المدارس للتلاميذ، مع كافة احتياجاتهم من كتب وقرطاسية. ونظمت للنازحين من مختلف الأعمار  رحلات ترفيهية أسبوعية. اضافة الى دعم صمود الذين لم ينزحوا، من خلال التعاون مع البلديات ولجان الإغاثة والطوارىء".

شربل لوقا

التيار الوطني الحر : تحييد القرى المسيحية 

اما منسق التيار في قضاءي بنت جبيل وصور المهندس ماهر طانيوس، فقال " أنه منذ بدء حرب السنتين، عمل التيار على صعيدين. الأول هو مسعى سياسي لتحييد القرى المسيحية، خاصة أن لا وجود مسلح بها. ومنذ الأيام الأولى زرنا الرئيس ميشال عون، الذي تواصل مع قيادة حزب الله ، وطالبها بتحييد هذه القرى. وقد استمر تواصلنا معهم لهذه الغاية ، ولحل أي إشكالية وقعت ، ولتجنب وقوعها. ومن جهة ثانية عملنا على تأمين مقومات صمود الاهالي ، بالتواصل مع مؤسسات الدولة ، وكان لنا فيها وزراء. ومع المؤسسات الدولية، كما من مساهمات التيار الذاتية. ولكننا كنا على يقين أن الجمعيات ستبادر الى المساعدة، لأن لها مصلحة في ذلك. وهي تستغل مثل هذه الأزمات". 

أما منسق الجنوب في التيار ، الدكتور وسام العميل فقد أقرّ " أن لا تأثير للأحزاب المسيحية على السياسة المناطقية، وفي العملية الإنتخابية النيابية. فوجود الثنائي يمنع أن نكون أساسيين، وخاصة مع وجود القانون الإنتخابي الحالي. فيبقى دورنا الأساسي في المنطقة، هو مد الجسور مع القوى السياسية المحلية، منطلقين من واقع أن لا يكون التيار جسم مستفز للبيئة المحيطة. وفي داخل مجتمعنا، نحن نسعى الى التوافق مع القوى الأخرى، ونحاول الإبتعاد عن التجاذبات الموجودة في الداخل اللبناني".

ماهر طانيوس

مطلب دائم للمسيحيين الحدوديين : نريد دولة

عندما يتناول المسيحيون الحدوديون مقولة" ماذا فعلت لنا الأحزاب ، هم يذهبون إلى أبعد من طلب خدمة أو مساعدة، أو حماية آنية . إنما هم يطلبون دولة طالما حلموا بها  منذ أن تفتحت عيونهم على هذه الأرض منذ ما يزيد على سبعة عقود. دولة تملك المؤسسات الفاعلة ، التي تؤمن الخدمة لمواطنيها ، لأنها وظيفتها وعملها وواجبها، وليس لأنها " زعيمتهم".

 

اقرأ المزيد من كتابات بيار حبيب