مصرف لبنان مُستمر في إخفاء الخسائر

مصرف لبنان مُستمر في إخفاء الخسائر

لم يتغيّر الكثير داخل مصرف لبنان منذ انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة، وتسلّم الحاكمية من وسيم منصوري (بالإنابة)، ثمّ تعيين كريم سعيد بالأصالة. تبديلات وترقيات إدارية داخلية بسيطة، لم تؤثّر على جوهر عمل البنك المركزي. فلا الإجراءات النقدية المتّبعة تبدّلت، ولا الإصلاح المصرفي انطلق، ولم يتم تعديل نهج سلامة الذي ساد لسنوات طويلة. حساب «الأصول الأخرى» في ميزانية مصرف لبنان التي تصدر كلّ أسبوعين، مثالٌ على ذلك. 

عام 2002، اخترع رياض سلامة، ومن دون رأي المجلس المركزي أو مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان، حساباً في موازنته أسماه «الأصول الأخرى» وسجّل فيه غالبية ما يتكبّده من خسائر، ثم قسّمه لاحقاً ليصبح حسابين: الأصول الأخرى والأصول الناتجة من عمليات تبادل الأدوات المالية. وفي العام 2003، أصدر مدير الشؤون القانونية في مصرف لبنان، بيار كنعان «فتوى قانونية» حملت الرقم  2524/11 تؤكّد أنّ «الأصول الأخرى» هي خسائر أنكر تحقّقها طوال الفترات الماضية. استُهّل الكتاب بعبارة «جواباً على سؤالكم (رياض سلامة) الشفهي، حول إمكانية استهلاك الخسائر التي أصابت مصرف لبنان نتيجة إصداره سندات بالدولار الأميركي لاستبدال جزء من محفظته من سندات الخزينة بالليرة والعملات الأجنبية فضلاً عن إصداره شهادات إيداع مصرفية لفترات واستحقاقات متتالية». ويخلص الكتاب، إلى الإجازة للحاكم بتسجيل الخسائر في حساب خاص.

هو إذًا اختراع مُحاسبي لا يدخل ضمن أي من معايير المحاسبة. أراده سلامة للإيحاء بأنّ لا خسائر داخل مصرف لبنان وأنّ الوضع مُستقر. المستغرب هو أنّه، وبعد انكشاف كلّ الخُدع المحاسبية التي كان يُطبّقها سلامة، لا يزال بند «الأصول الأخرى» وارداً ضمن ميزانية مصرف لبنان. صحيح أنّه مع تعديل سعر الصرف في ميزانية «المركزي» انخفض المبلغ من قرابة الـ20 مليار دولار إلى ما لا يتعدّى الـ330 ألف دولار، ولكن يبقى الأساس أنّ العقلية التي حكمت مصرف لبنان لا تزال هي الطاغية. يقول أحد المسؤولين في «المركزي» أنّ بند «الأصول الأخرى» يضم «خسائر ناتجة عن تمويل الدولة، أو فوائد تُدفع على ودائع المصارف، أو ما كان ينتج عن الهندسات المالية وعمليات منصة صيرفة». لا جواب حول السبب الذي يستدعي إخفاء هذه الأرقام في حساب مُموّه، وحول السبب الذي لا يزال يستدعي وجوده. علماً أنّ المسؤول نفسه يعترف أنّ «معايير المحاسبة والشركات العالمية تُفضّل تجنّب تسجيل هذا البند». 

 

اقرأ المزيد من كتابات كافيين دوت برس