من دير الأحمر الى القاع ترحيب بالبابا: الرجاء كبير لكن المشاركة ضعيفة
البابا الثالث الذي يزور بلاد الأرز في أولى زياراته الخارجية، يترجم نظرة الفاتيكان الى الوطن الرسالة كما أطلق عليه البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني. وفي منطقة يغلب عليها الحضور الإسلامي والموقع الجغرافي الصعب، ينظر المسيحيون في قرى بعلبك الى زيارة البابا ليون الرابع عشر بصفتها محطة رجاء يؤمل أن يرافقها مزيد من الدعم الكنسي الفعلي لصمودهم فيها .
"رغم التحديات الصعبة والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها البلاد، لم تستسلم شبيبة أبرشية بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك لبّت بحماسة نداء الكنيسة واستعدّت بروح الإيمان للمشاركة في الحدث التاريخي المنتظر: زيارة قداسة البابا إلى لبنان بمحبةٍ وحماس، جمعت الشبيبة قواها، واجتمعت من مختلف رعايا الأبرشية، لتكون شاهدة حيّة على حضور الكنيسة الفاعل في قلب البقاع. ووصل عدد الشباب والصبايا إلى نحو ١٥٠ مشتركًا، متحدين الصعوبات، وحاملين في قلوبهم فرح الإنجيل، ووجع الأرض، ورجاء السلام. هذه المشاركة ليست فقط عددًا، بل شهادة إيمان حيّة بأن الكنيسة لاتزال تنبض في شبابها، وأن صوت بعلبك سيرتفع في قلب الكنيسة الجامعة، مرحّبًا بالحبر الأعظم، ومؤكدًا أن لبنان، رغم كل شيء، لايزال أرضًا للقداسة والرجاء".
بهذه الكلمات يصف مسؤول الشبيبة في الأبرشية وكاهن رعية بلدة الفاكهة الأب إيلي الخوري الإستعداد لمواكبة زيارة البابا الى لبنان.
وداد الخوري من بلدة جديدة الفاكهة لن تسمح لها ظروفها بالمشاركة ولكنها ستواكب هذه الزيارة بالصلاة من منزلها المتواضع في القرية على امل أن تنعكس خيرًا على لبنان .أما جوزف عون باسيل من بلدة الجديدة الفاكهة فسيشارك بدوره لأن هذه "الزيارة تحمل معها زوادة لسنين كثيرة فيها بركة القديس بطرس الركن الاساس للكنيسة، وفيها رسائل ايمان وتسامح للشعب اللبناني والشعوب العربية. ونحن كمسيحين في لبنان، تقوي هذه الزيارة ايماننا اننا لسنا منسيين هنا كما يحصل في دول الجوار".
كاهن رعية بلدة جديدة الفاكهة الأب جان نصرلله يعتبر ان مجرد ان يكون لبنان وجهة الزيارة الخارجية الاولى لقداسته فذلك في حدّ ذاته رسالة رجاء واهمية موقع لبنان في قلب الكنيسة وأولوياتها. وكون هذه الزيارة متزامنة مع مرور لبنان في منعطف دقيق وخطير بعد الاحداث الاخيرة في الشرق الأوسط فهي تأخذ اهمية كبرى ونحن كأبناء بعلبك الهرمل متعطشين لها ورعاية وحضور الكنيسة والدولة معًا. لذا نرجو ان تساعد هذه الزيارة بتأكيد هوية لبنان التاريخية وتثبيت مسيرة بناء الدولة حيث يتساوى الجميع تحت القانون. فالأحداث الاخيرة التي عصفت بلبنان والجوار السوري وغياب خدمات الدولة كان لها وقع خطير علينا نحن كمسيحيي الأطراف لذا نأمل من قداسته إعطاءنا الاهمية الكبرى لأن ثباتنا في قرانا، هو في حدّ ذاته حفاظ على هذه الهوية التاريخية. كنت اتمنى لو يزورنا قداسته نحن وقرى الأطراف في الجنوب فالإضافة الى رمزية الزيارة كممثل للمسيح على الأرض فهي ستسلط الضوء على دورنا كمسيحيي الاطراف الذين اكدوا من خلال استقبالهم اخوة لهم في الحرب الاخيرة على دور الجماعة المسيحية، في تثبيت روابط المحبة بين ابناء الوطن الواحد . وكما كسر البروتوكل في زيارته لضريح القديس شربل كنت اتمنى ان يفعلها معنا ويزورنا".
اما عن الدعم الذي ننتظره من الفاتيكان فيأمل نصرلله في المساعدة القوية للاقتصاد اللبناني ولبناء الدولة بدرجة أولى، فصمودنا مرتبط بوجود دولة قوية تحمي حقوق الجميع ويتساوون أمام قوانينها ، كما ننتظر من قداسته توجيه الجمعيات الكاثوليكية لمساعدة الاهالي في صمودهم والطلاب في اقساطهم المدرسية والشباب في تأمين مساكن لهم وتأمين آلية تُوَجِّه هذا الدعم مباشرة الى ذوي الحاجات".
بُعد المسافة ، وأطفال ناهية عاد من بلدة القاع سيمنعانها من المشاركة في استقبال البابا ولكنها تأمل من هذه الزيارة "ان تكون محطة في ترسيخ وجود المسيحيين وترجمة حضورهم" والأهم بالنسبة اليها " مساعدتهم كأهالي في تعليم اولادهم حيث تنهشهم اقساط المدارس والجامعات الكاثوليكية، لذا فهي تطالب قداسته بـ"الإلتفات الى حاجات الناس من طبابة وتعليم، فليس بالخبز وحده يحيا الانسان يا قداسة البابا".
دير الاحمر زيارة رجاء
إلى دير الأحمر ، حيث الحضور الماروني التاريخي في بلدات القضاء والتقاليد المسيحية العتيقة التي لا يزال أبناء الدير كبارًا وصغارًا يحرصون على ممارستها، يحدثنا الكاهن إيلي الجمَيِّل وهو الخادم لثلاث رعايا في أبرشية دير الاحمر المارونية،رعية مار يوسف ومار الياس في دير الاحمر ومار شربل – البليقة. وهو يقول ان "اللبنانيين في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب والضبابية السياسية ينتظرون زيارة قداسته بروح كبيرة من الرجاء، وينظرون اليها كرسالة دعم. فالناس يريدون ان يسمعوا كلمة تردّ لهم الثقة بأن لبنان لا يزال على خريطة الاهتمام الدولي. وهناك أمل كبير بان تفتح هذه الزيارة امل المساعدات الاجتماعية للمدارس والمستشفيات التي تحارب لاستمرارها امام موجة الهجرة الخطيرة التي تهدد كل البيوت والعائلات. فمجرد زيارته هي دعم روحي ومعنوي بأن لبنان لايزال موجودًا، رغم كل ما مَرَّ به ولتثبيت الشباب في أرضهم في زمن الخوف على المصير والمستقبل".
وبإعتبار ان مناطق الاطراف هي خط الدفاع الاول عن الوجود كان لزيارة البابا اليها معنى كبير بحسب الأب الجميل "ولكن واقع الحال يفرض وجود اعتبارات امنية دقيقة تمنع هكذا زيارة في الوقت الراهن ببرنامج زيارة قصيرة وكانت لتستلزم ترتيبات كبيرة لا يتسع وقت البابا لها حيث ان برنامج الزيارة مليء بمحطات وطنية جامعة كالصلاة في المرفأ مثلًا. وقرى الأطراف ستصل اليها البركة البابوية التي لا تتقيد بزمان ومكان من البابا ليون الرابع عشر وهو بدوره سينقلها الى ابناء الرعية من خلال مشاركته مع عدد منهم في استقبال قداسته .
الفاتيكان بحسب الأب الجمَيّل "قادر على اعطاء دعم روحي ومعنوي كبير من خلال دبلوماسيته التي تُذَكِّر العالم الحر بأهمية دعم لبنان ودوره وصيغة العيش المشترك ومن خلال تشجيع الشباب للثبات في ارضهم وعدم الاستسلام لليأس والاحباط . أما الدعم الأكبر الذي يطلبه الناس ويُجمِع عليه كهنة الرعايا من مختلف القرى الذين يستمعون الى شكوى أبناءها من جهة وآمالهم من جهة أًخرى فهو دعم المدارس والمستشفيات والمؤسسات الإجتماعية التي تجاهد للصمود وتحمي الناس وتمنع الانهيار الكامل".
رندلا فخري ستنزل من دير الاحمر لتشارك في استقبال قداسته وترى ان مجرد وجوده يمنح البركة لارض لبنان التي وطأتها قدما السيد المسيح .
وسشتارك عدد من نساء الأخوية في الدير أيضًا، بينما ستمنع الظروف الخاصة البعض الآخر من الحضور وسيكتفين بمرافقة قداسته بالصلاة من اجل الكنيسة ولبنان .
هنا الخوري من نساء اخوية دير الأحمر سبق لها وشاركت في استقبال البابا يوحنا بولس الثاني في العام ١٩٩٧ ولا تزال تحتفظ بأجمل الذكريات عن تلك اللحظات اضافة الى صورتها وهي تتناول القربان المقدس منه، لن تستطيع المشاركة هذه المرة ولكنها ستُصَلّي معه على أمل السلام في لبنان وليبقى هذا الوطن واحة محبة ولقاء للجميع.







