في ظل ما تعيشه البلاد من قلق على الوضع الأمني الذي لا يزال ينتظر تسوية مُعَلَّقَة على حبال المفاوضات او الحرب بموضوع السلاح ، قلق معيشي زاده إقرار قانون الفجوة المالية الذي رأى فيه كثيرون تعميقًا للفجوة بدل محاولة ردمها، وقلق إجتماعي تستمر معه هجرة الشباب، إختارت بلدة القاع الحدودية مع سوريا وكل ما يعنيه ذلك من تحديات أمنية وسياسية أن تنتصر بالفرح من خلال مشروع السوق الميلادي الذي، اقيم بعد عيد الميلاد، اذ يعود جميع ابناء البلدة الى قراهم للاحتفال بالميلاد، زَيَّن شارع البلدة الرئيسي بتنسيق ما بين بلدية القاع وجمعية " لقاع أفضل ".
مشهد عام للسوق الميلادي في القاعفي خطوة لافتة شهدت البلدة تنظيم اول سوق ميلادي من نوعه في تجربة حملت في طياتها أبعادًا إجتماعية وثقافية واقتصادية بعد سنوات من التحديات والظروف الصعبة.
عن إنطلاق الفكرة وتنفيذها تحدثت لـ"كافيين دوت برس" عضو بلدية القاع السيدة سابين ضاهر مطر وهي أيضًا من مؤسسي جمعية " لقاع افضل " وأشرفت على تنسيق الجهود ما بين البلدية والجمعية، وتنظيم النشاط .
سابين ضاهر مطرتعتبر مطر ان الهدف المشترك ما بين البلدية والجمعية كان واحدًا وهو إدخال الفرح لقلوب الناس، وترى ان التعاون كان نموذجيًا بحيث عملت على عقد عدة لقاءات تحضيرية في البلدية بهدف إنجاح النشاط الذي رَكَّز على إدخال الأمل للناس، لكي يشعروا بمعنى العيد الحقيقي،وأن يأتي الناس لتشجيع بعضهم البعض من خلال تشجيع الاعمال الصغيرة أيضًا، وتحريك الدورة الاقتصادية في البلدة في ظل ما تعانيه من الحرمان في قطاعات حيوية كالمياه والكهرباء والخدمات المهترئة في الاتصالات. وقالت ان "ما لفت انتباهنا بعد انتقال الفكرة الى التنفيذ هو تفاعل الناس الكبير معها فقد أتى الجميع كبارًا وصغارًا ، إشتَروا ورقصوا والتقطوا الصور ، اذ اصبح السوق مساحة إنتماء للجميع". أما عن مصادر التمويل فتقول أنه كان محدودًا، وقد عملنا على ترشيده الى أقصى الحدود لأن الإمكانات ضعيفة، لقد رَكَّزنا على تفاصيل صغيرة إستطعنا معها ان نُوَفِّر الكلفة الاكبر من خلال الإضاءة وتزيين الشوارع والعروض. وهذا المشروع عَلَّمنا بأن نجاح المبادرات من هذا النوع لا يرتبط دائمًا بالموزانة، فالشغف والتعاون والتعاضد بالنيات الطيبة أمور أساسية تخلق فرق كبير ، لا شك ان المال يبقى وسيلة مهمة ولذلك إِتَّكالنا في شكل أساسيّ كان على ريع التومبولا الذي أجريناه في مهرجان القاع الصيفي وفَكَّرنا منذ ذلك الوقت في إستعماله بالسوق الميلادي".
وبصفتها رئيسة لجنة النشاطات في البلدية "ساهمت في تنسيق وتنظيم الفعاليات مع المشاركين ومن خلال البلدية بتوفير المساحات والأمن من خلال الشرطة البلدية والجيش اللبناني مشكورًا الذي حضر وأعطى مظلة من الطمأنينة للناس الذي يرتاحون لوجوده وسلاحه الشرعي". ووعدت بتطوير الفكرة أكثر في السنوات المقبلة.
ابو انطون يتفقد الساحةالعَمّ أبو أنطون من القلائل الذين لا يزالون يرتَدون الزَيّ العربي التقليدي في البلدة، هذه المرة كانت ساحة البلدة له مختلفة وهو الذي إعتاد زيارتها يوميا" والجلوس أمام دكان جاره. لينا مخلوفترى السيدة لينا مخلوف صاحبة المكتبة في الشارع والساحة والمشاركة في السوق الميلادي أن هذه الفكرة أعادت تعريف الناس على ساحة الضيعة وهو نشاط مهم وجميل وتمنت ان يتكرر سنويًا لتنشيط الدورة الاقتصادية وادخال الفرح للقلوب".
في جولة ميدانية داخل السوق بَدَت الأكشاك مُصطَفّٰة على جانبي الساحة، تتنوع بين المونة البلدية والمأكولات، المنتجات الحرفية والأشغال اليدوية والهدايا الميلادية. الأضواء والزينة شَكَّلت عنصر جذب أساسي فيما إرتَسَمَت على وجوه الأطفال والعائلات ملامح الفرح.
كارين شحود تستعرض اشغالهاإقتصاديًّا لا يمكن الحديث عن عائدات كبيرة إلا ان أهمية السوق تكمن في إتاحته فرصة تسويق مباشر للمنتجات المحلية خصوصًا للنساء والشباب.بعض المشاركين أشاروا إلى أن هذه التجربة رغم بساطتها منحتهم دفعًا معنويًا وشَجَّعَتهُم على الإستمرار في مشاريعهم الصغيرة رغم الأزمة الإقتصادية الخانقة.كارين شحود واحدة من هؤلاء الصبايا اللواتي شاركن في السوق تقول بأن هذه التجربة تعني لها الكثير فهي شيء جديد وغير مألوف في بلدة مثل القاع. كنا معتادين على امور تقليدية وبسيطة أما ان يأتي من يمنحنا المساحة لنعمل بأيدينا ونبرز هذا العمل فهذا ما أعطاني الفرصة لأعرض هوايتي في شَكّ الخرز والأكسسوار امام الناس وأحسست بثقة اكبر في نفسي بأن يصبح لي في المستقبل إسم ومشروع أكبر. والأجمل بالنسبة لي أن الناس شاهدت كم من الممكن أن يكون هناك إبداع في شيء بسيط مثل الخرز".الطفلة نور نصرالله واعمالهاإجتماعيا"، شَكَّل السوق مساحة تلاقٍ بين أبناء البلدة من مختلف الأعمار، وأسهم في تعميق الشعور بالإنتماء والمشاركة. ويأمل المنظمون والأهالي أن تتحول هذه التجربة الأولى الى تقليد سنوي وأن تُشَكِّل حافزا" لمبادرات مماثلة في المستقبل تساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية وتثبيت الأهالي في أرضهم.
المنقوشة عالصاج والكنافة شغل البيت، النبيذ ودبس الرمان، الصلبان والشموع وصور القديسين، LaParade وفرقة in joy space
الزينة والأضواء والألعاب النارية، أغاني العيد، رئيس وأعضاء البلدية ومخاتير البلدة، الأهالي كبارًا وصغارًا، كلهم كانوا في ساحة القاع. لم يكن السوق الميلادي مجرد اكشاك وزينة بل كان حدثًا إنسانيًّا أعاد التأكيد أن الفرح فعل مقاومة وأن الأمل يمكن أن يُولَد حتى في أكثر المناطق بُعدًا وتهميشًا.