مارشربل وملوك قانون الفجوة المالية
تقول المعلومات ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يسافر الى باريس بطائرة خاصة لاحد المصرفيين لتدشين دير مار شربل الذي تحتفل به الرهبانية اللبنانية المارونية. الاحتفالية المارونية تجمع كبار رجال الاعمال والمصرفيين الموارنة الذين سيؤمون باريس للمشاركة فيها. وسيكون القداس مناسبة للتذكير بتواضع القديس شربل ونومه على فراش خشبي ومخدة من القش، امام بعضالذين وضعوا ايديهم على جيوب المودعين في لبنان.
في الوقت ذاته يُناقش في بيروت قانون الفجوة المالية، ويٌقدّم الى اللبنانيين على انه " كرم اخلاق" من الطبقة السياسية والمالية لردّ حقوق اللبنانيين واموالهم. فيما تبدو مفارقة كبرى ان الاعتراضات على سياسة المصارف في لبنان انطفأت منذ مدة غير قصيرة. لا "فتى المصارف" ( كتعبير عن الجماعة) حاضر، ولا اعتراضات المودعين الذين ذهبت اموالهم في دهاليز المصارف خارج لبنان، استمرت عالية الصوت. وبدا الحديث عن سلاح حزب الله وسجن الحاكم السابق رياض سلامة، والحفلات الصيفية والسهرات الباذخة (لطبقة جديدة من المنتفعين) اولوية الاولويات، وكأنها سحبت اي حديث في المقابل عن حقوق الناس. ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لا يتصرفان على انهما معنيين باموال المودعين وحقوقهم سوى عبر الخطب الرسمية. فيما يُقدّم قانون الفجوة المالية على انه منّة من حاكم المصرف المركزي ووزير المال والطبقة السياسية والمصرفية، لتقسيط اموال المودعين على مدى سنوات، في مقابل تبرير عدم الاعتراف باموال مودعين او فوائد، وكأن المودعين هم الذين تصرفوا بطريقة غير شرعية مع المصارف التي ستضع يدها على ما تبقى من اموالهم. من دون ان يسأل ايّ من الذين يصوغون النصوص، كيف يمكن لمودع ورث ثروة ابًا عن جدّ، او موظف تقاضى تعويضه او مودع احتفظ بامواله في المصرف لسنوات طويلة من اجل اليوم الاسود، ان يعيش مئة عام ليستعيد جزءًا من امواله. وهل القانون ذاته سيطبّق على صائغي المشروع والسياسيين والمصرفيين فيتقاضون اموالهم كذلك على مدى سنوات. ام انها اصلا خارج حدود التشريعات اللبنانية.
في مسرحية ناطورة المفاتيح يقول الملك لمراد بعد ان يأمر بحبسه مئة سنة " اذا قتلناك منصير بدنا نجيب ولادك يكفّوا الحكم عنك". هكذا حال اللبنانيين مع ملوك قانون الفجوة المالية: فليطمئن من سيموت من المودعين بأن اولاده واحفاده سيستمرون على مدى مئة سنة في قبض ما تقرره جمعية القابضين على اموال المودعين وارواحهم.