السعودية وحزب الله وبينهما حلفاء وخصوم

الرئيس عون والامير بن فرحان
يتحول الاحتفال الذي تقيمه السفارة السعودية في بيروت للعيد الوطني السعودي الـ 95 في فندق فينيسيا، بعد الغاء الاحتفال العام الماضي، بسبب الحرب الاسرائيلية، مناسبة لجسّ نبض الرياض في ما يمكن ان تقدم عليه حيال امرين: الاول الدعوة التي وجهها حزب الله الى السعودية لحوار معها، والثاني موقع السعودية في الانتخابات النيابية المقبلة ورعاية تحالفات سياسية وانتخابية. لا سيما في الوسط السني، حيث تتبدل بعض المواقع والمواقف تبعًا للمتغيرات التي رافقت نتائج الحرب الاسرائيلية والتحول في هوية النظام السوري.
في الاحتفال عام 2023 كان موقع رئاسة الجمهورية فارغًا، وحشدت السعودية جمعًا كبيرًا في احتفال كبير قرب المدرجات الرومانية في وسط بيروت، لتدعو الى انتخابات رئاسية وملء الفراغ الرئاسي. اليوم الوضع مختلف. والسعودية شاركت في شكل مباشر في اختيار رئيس الجمهورية العماد جوزف عون. والقضايا التي تُعنى بها عادة لا تزال هي نفسها، لا سيما في ظل الجولة التي قام بها الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان.
في موضوع حزب الله، وقبل ان تعلن السعودية من لبنان او من الرياض موقفها تجاه الدعوة التي اطلقها الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، للحوار مع السعودية، رفض حلفاء السعودية كلام قاسم، ونقلوا كذلك موقفًا مماثلا للسعودية على اعتبار انها مع الحوار بين دولة واخرى وليس مع طرف، وان الاهم اليوم هو وجود لبنان خال من السلاح غير الشرعي. والسعودية في هذا الاطار حرصت على ابقاء علاقتها بالثنائي الشيعي من خلال التواصل مع الرئيس نبيه بري مباشرة او من خلال النائب علي حسن خليل.
الاكيد ان دعوة قاسم، جاءت في توقيت يحمل التباسات عدة. لا سيما ان قاسم يحمل على كتفيه امرين، اولا الخطاب السياسي للحزب بالمعنى الشامل، وهو بذلك يقدم رؤية مختلفة عن المراحل السابقة. وهو من موقعه الذي لايزال طريًا بالمعنى القيادي، اثار تساؤلات، لان تحولًا من هذا النوع يربك ساحة الحزب قبل خصومه، بعد مرحلة خصومة شديدة ولا تزال مع الرياض. ثانيا لا يمكن لأي خصم للحزب ان يتعامل مع قاسم على انه متحرر من الغطاء الايراني، وانه يمتلك هامشًا ذاتيّا في الذهاب الى مثل هذا الموقف. هذا الغطاء الذي بات الحزب اكثر حاجة اليه بعد الاستهدافات المتتالية، والتطويق المستمر له عبر عمليات اسرائيلية وحصار اميركي متواصل. وكذلك بعد الخضات التي يواجهها داخليًا في اعادة ترتيب شؤون البيت والهيكلية والقيادة. ويعتبر خصوم حزب الله ان الحزب يريد التقاط الفرصة السعودية، بعد استهداف اسرائيل لقطر، وخشية المملكة ودول الخليج من توسع الاستهداف الاسرائيلي، من اجل تمتين موقعه في وجه اسرائيل.
في المقابل فان حزب الله يتصرف مع خطاب قاسم، على ان لا علاقة له بأي غطاء ايراني لفتح حوار مع السعودية. الحوار الايراني السعودي قائم، وفي قطر التقى الرئيس الايراني مسعود بزشكيان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، عدا عن قنوات الاتصالات التقليدية. لكن التعامل لبنانيًا مع السعودية، من شأنه ان يفتح آفاقا جديدة داخليًا، يرى الحزب انها ضرورية في المرحلة الراهنة.
ثمة نقطة اساسية اخرى تتعلق بمقاربة السعودية لوضع حلفائها، في ما يتعلق بالتحضير للانتخابات، ولها صلة بوضع سوريا وبحلفاء الحزب السنة، والذين في مكانٍ ما بدأوا منذ مدة توجيه رسائلهم الايجابية الى السعودية ويبتعدون تدريجًا عن الحزب. وهذا ما يرصده الحزب بدوره ويأخذه في الاعتبار.