الكهرباء لن تعود إلى الذوق والجية: هل من صفقة سرية؟

شركة كهرباء لبنان
كان يُفترض أن تُجري مؤسسة كهرباء لبنان مناقصة لتشغيل معملَي الذوق والجيّة في شهر أيار الماضي. مُدّدت المهل لشهر حزيران، ثمّ آب، قبل أن يتمّ تحديد الموعد حالياً يوم 6 تشرين الأول. تقول مصادر مُطلّعة إنّه من المرجّح أن تؤجَّل المناقصة لمرّة خامسة لصعوبة تلبية الشركات المتوقّع أن تتنافس الشروط الموضوعة.
كيف يؤثّر التأجيل على السكّان في لبنان؟
عدم اختيار شركة لتشغيل المعملين يعني أنّ مؤسسة كهرباء لبنان عاجزة عن تأمين ساعات تغذية طويلة، تبلغ حوالي 12 ساعة في اليوم. المعملان مجتمعان يؤمنان 270 ميغاواط.
من يُشغّل المعملين اليوم؟
لا أحد.
ماذا عن تحالف شركات "أم إي بي - MEP" و"أو إي جي - OEG" و"أركاي - ARKAY"؟
هذا التحالف، بقيادة شركة "أم إي بي" لصاحبها كريم تحسين خيّاط، فاز عام 2017 بمناقصة تشغيل المعملين لخمس سنوات. كان يُفترض أن ينتهي العقد مع التحالف عام 2022، ولكن بسبب قانون تمديد المهل، بقي التحالف يُمارس أعماله. بالتزامن، كان مصرف لبنان قد توقّف عن تلبية طلبات وزارة الطاقة لاستيراد الفيول لصالح كهرباء لبنان، ولم يكن يوجد في خزانات الذوق سوى كميات تكفي لـ4 أيام كحدّ أقصى. فما كان من مؤسسة كهرباء لبنان أن طلبت أيضاً في عام 2022 من التحالف تحويل العقد معه من عقد تشغيل وصيانة إلى عقد حفظ التجهيزات، أو ما يُعرف تقنياً باسم Preservation contract، وهو يعني عملياً الاعتناء وحفظ التجهيزات لحمايتها من التلف. قيمة العقد الجديد 12 مليون دولار بالسنة.
ألم تصل باخرة فيول إلى لبنان في آذار عام 2023؟
صحيح، ولكن كان العقد مع تحالف الشركات المشغّلة قد تغيّر إلى عقد حفظ.
تقول المصادر إنّ مؤسسة كهرباء لبنان لم تُسدّد منذ العام 2022 المبالغ المتراكمة عليها، وكانت كلّ 6 أو 7 أشهر، تُحوّل دفعة بقيمة لا تتعدّى المليون ونصف مليون دولار. فتراكمت الديون على التحالف: 19 مليون دولار لصالح المزودين الذين يتم التعامل معهم، و5 ملايين دولار لصالح الخزينة العامة. وقبل تعديل صيغة العقد، كان للتحالف مبالغ متراكمة له مع مؤسسة الكهرباء بقيمة 22 مليون دولار.
مصادر كهرباء لبنان تؤكد أنّ كريم خياط نال وعداً من المديرال عام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك بدفع مبالغ بقيمة 4 ملايين دولار. ولكن خياط يُريد الاحتفاظ بـ2 مليون دولار لشخصه، وتوزيع المبلغ الباقي على الموظفين والمزودين والشركاء في التحالف، أي OEG وARKAY، اللذين يمتنع خياط عن دفع حصصهم، حتى حين كانت تُسدّد له مؤسسة الكهرباء بعضاً من مستحقاته. وقد هدّد أحد الشركاء بالتوقّف عن التعاون إن لم يُسدّد له خياط حصته.
لماذا طلبت المؤسسة بإدارة كمال حايك تغيير صيغة العقد؟ لأنّه لا يوجد فيول لتشغيل المعملين. يعني ذلك أنّه عمليا اليوم لا توجد شركة يُمكن محاسبتها على عدم تشغيل المعملين وتأمين الكهرباء باستثناء مؤسسة الكهرباء. الشبكة واحدة، والتوزيع إلى كلّ المناطق يتم من الشبكة الرئيسية.
لماذا لا تُشغّل مؤسسة الكهرباء المعملين؟
لأنها ببساطة ليس لديها أصحاب الخبرات اللازمة.
ولكن حتى في العقد الجديد، حفظ التجهيزات، توجد خلافات بين التحالف ومؤسسة الكهرباء. التحالف يعتبر أنّ صيانة المولدات تستحق بعد 36 ألف ساعة تشغيل، مستندًا إلى رأي الشركة المصنّعة للمولدات بأنّ الصيانة تتم ما بين الـ30 والـ40 ألف ساعة تشغيل. ويقول التحالف إنّه لا يُمكن إجراء صيانة للمولدات الـ16 في الوقت نفسه، لأنّ ذلك مُعقّد تقنياً ويُعطّل إنتاج الكهرباء. ويُصرّ على أنّه يجب على المؤسسة دفع مستحقاته ليتمكن من إجراء الصيانة. في المقابل، تستند مؤسّسة كهرباء لبنان إلى اتفاق موقّع بين كمال حايك وكريم خياط (الذي لا يُمثّل التحالف قانونياً) للتمسّك بإجراء الصيانة كلّ 30 ألف ساعة عمل، ولـ9 مولدات في الوقت نفسه بما أنها تخطّت معدّل تشغيلها.
ماذا الآن؟
التأجيل سببه تعديل الشروط وإعطاء فرص للشركات لبناء تحالفات والتمكن من التقديم على المناقصة. في آخر التطورات، طرح كمال حايك على مجلس إدارة المؤسسة تعديل نوع المحرّك المستخدم في تشغيل المعملين، حتى تتمكن إحدى الشركات من استيفاء الشروط.
الخلاصة، أنّ المناقصة مرّة جديدة مُعرّضة للتأجيل بسبب النكايات الشخصية والسياسية، ما يترك عشرات آلاف المواطنين محرومين من ساعات تغذية طويلة.