ابناء القرى الحدودية وزيارة البابا مشاركة خجولة وأمل بالسلام
البابا ليو الرابع عشر (vaticannews.va)
اذا كانت زيارة البابا ليون الرابع عشر إلى لبنان، تعني الكثير للبنان عامة، إلا أن لها دلالات أعمق عند المسيحيين من أبناء القرى الحدودية الجنوبية، نظرا لما عانوه مع بقية إخوانهم، جراء الحرب الطويلة التي مرت عليهم، والتي لا تزال مفاعيلها مستمرة يوميا.
من هنا، التقى " كافيين دوت برس" عددًا منهم ، واستمزج آراءهم حول هذه الزيارة.
الإنطباع الأول هو أن الجنوبيين يكنّون مودة عميقة للبابوية، ويطلبون منها الكثير. ولكن في قناعاتهم هم يدركون أن دور البابوية ليس كافيا في وقف الحرب، وفرض السلام والطمأنينة لهم. ولهذا تبدو مشاركتهم خجولة بالقداس الرئيسي الذي سيرأسه البابا، إضافة إلى عوامل أخرى .
أحد الكهنة المنظمين لمشاركة أهالي القرى الحدودية في فعاليات زيارة البابا الأب طوني الياس ، قال لـ" كافيين دوت برس" "هناك فرح عند الناس لزيارة البابا، ورجاء أن تحمل السلام معها. فالجميع قد تعب. ولكن رغم ذلك لمسنا فتورًا في الحماس للمشاركة. فقد سجلنا فقط ٥٣٠ شخصا رغبوا حضور القداس. علما أن أبرشيتنا، وهي أبرشية صور المارونية، تمتد من الساحل إلى القطاع الشرقي في مرجعيون والقليعة، إلى العيشية وقرى الزهراني".
ويعيد الأب الياس السبب، الى القلق الطاغي من الطرقات بسبب الوضع الأمني، وإلى أفق أسود يظلل عقول الناس، فيجعلهم محبطين نوعا ما. كالمريض الذي وإن وجد علاجه، ولكن يظل ينقصه حماس الحياة بسبب إنهاك المرض لجسده".
يحفظ الجنوبيون للسفارة البابوية وقوفها إلى جانبهم في حرب السنتين الماضيتين. فقد قام السفير البابوي بزيارات متوالية لهم ، وكان لهذه الزيارات أثر معنوي كبير في تعزيز صمودهم بأرضهم. ولم يقتصر الدعم على الناحية المعنوية، بل شمل أيضا مساعدات عينية على عدة دفعات من البعثة البابوية. وذكر الأب طوني الياس أن آخرها وصل قبل ايام قليلة، وهي نوعان حصص غذائية لكل رعايا الأبرشية، وحليب وحفاضات الى ١٣٠ طفل دون الثالثة من أعمارهم، على شكل قسائم شرائية توزع شهريا على مدى ستة أشهر.
ترحيب واسع بالزيارة ، وآمال بتحقيق أهدافها.
تجد الزيارة ترحيبا واسعا عند الجنوبيين ، آملين أن تحمل السلام والرخاء .
رئيس بلدية القليعة حنا ضاهر قال " نتمنى أن يأتي السلام مع قداسة البابا. وهذا يساعدنا على البقاء في قرانا. لم نعد نستطيع تحمل المزيد، فالهجرة تبتلع شبابنا، وستبتلع المزيد، وتفرغ قرانا".
بدورها تقول السيدة سبيلة الغفري " لبنان بلد القداسة والقديسين وسيزداد قداسة بمجيء البابا إليه. وزيارته تحمل لنا الأمل والرجاء ، وتساعدنا على طرد اليأس من نفوسنا، بعدما تملكنا الخوف والقلق والغموض على مصيرنا، وخاصة مع الحديث عن منطقة عازلة".
ويوافق لوقا لوقا على هذا الكلام ، ويعتبر أن زيارة البابا "شبيهة بدخول المسيح إلى الهيكل وطرد اللصوص. علّ هذه الزيارة تساعدنا في طرد المخاوف والهواجس التي تنتابنا".
ومع تقدير المكانة البابوية ، غير أن شكوكا تنتاب كثيرا من الجنوبيين من قدرة هذه الزيارة على إحداث تغييرات هامة في الوضع القائم . فاعتبرت ماري حصروني " أن مقام الفاتيكان لنا يأتي بعد المسيح مباشرة. وزيارة البابا هي دعم معنوي خاصة لأبناء المنطقة الحدودية ، لكني لا أتأمل كثيرا من نتائج لها".
وتؤيدها في ذلك فكتوريا نصرالله التي تذهب أبعد من ذلك، فهي تتخوف أن "ينفجر الوضع بعد هذه الزيارة. إذ أن أطراف النزاع حاليا يؤجلون التصعيد الكبير مراعاة للزيارة".
دعوات الى ممارسة الضغط السياسي
وإذ يتمنى الجنوبيون أن تكون للزيارة أهداف سياسية بارزة ، وليس فقط دعم معنوي وروحي. ومنها ما أطلقه جورج شوفاني الذي قال : " طالما كان للفاتيكان تاريخيا، دور هام في دعم لبنان على كافة الصعد، ومنها تأمين استقلاله وسيادته على أرضه. واليوم نطلب منه بإلحاح أن يعمل على استمرار بقاء القوات الدولية في جنوب لبنان، وأن يدعم الموقف الفرنسي بهذا الخصوص، حتى تحقيق السلام وتأمين الإستقرار النهائي في منطقتنا".
ما الدافع الى المشاركة في فعاليات زيارة البابا ؟
طرح موقعنا هذا السؤال على عدد من المشاركين في القداس الرئيسي الذي سيرأسه البابا في بيروت، وفي لقاء الشبيبة .
آلان حنا قال " أشارك لأن زيارة البابا حدث وطني روحي يعني جميع اللبنانيين. ولنقول له أن الجنوبيين حاضرون بالرغم من المسافات. ولنطلب بركته ودعمه لنا في المنطقة الحدودية".
صوفي عساف قالت " كيف لا نقوم بلقائه وهو جاء ليزورنا . ننزل إليه ليرى أننا نستأهل زيارته، ولنرسخ الصورة أننا أناس مؤمنون وراسخون بأرضنا من جيل إلى جيل، وأننا نحن مسيحيي القرى الحدودية جزء لا يتجزأ من لبنان . هو فعل رجاء لنا، وزيارته أقوى من القرارات الدولية ومن الإتفاقيات".
وتضيف" ويجب أن نوصل صوتنا إليه ، كيف أن بعض مؤسسات الكنيسة في لبنان، التربوية والصحية، هدفها جمع المال على حساب العائلات المسيحية".
الفريدو سمعان قال " الذي دفعني هي دعوى الرب لنا ، لنشارك في أي عمل روحي ، وخاصة بعد الحرب التي مرت علينا . وأيضا لأنه حدث رائع قليل الحصول "
مطالبات بزيارة البابا إلى المنطقة الحدودية
وقد ارتفعت في مختلف القرى الحدودية المسيحية، أصوات تطالب بتعديل برنامج زيارة البابا، لتشمل المنطقة الحدودية، نظرا لما عاناه سكانها من ويلات الحرب. وإن ليس من الممكن إجراء هذا التعديل، فعلى الأقل ذكرها في كلام البابا وإبداء اهتمام خاص بها .
ومن هذه المطالبات رسالة من بلدية علما الشعب الى السفارة البابوية، أرسلها إلى موقعنا رئيس البلدية شادي الصياح . وهي نموذج عن كافة الرسائل التي رفعت الى السفارة البابوية.
وفيها " نكتب من بلدةٍ مسيحيةٍ حدوديةٍ منكوبة، تهدّم منها الكثير، وتهجّر أهلها، ولا تزال حتى اليوم تضمّد جراحها وتصمد برجائها وإيمانها.
لقد بلغنا بفرحٍ كبير نبأ استعدادكم لزيارة لبنان، ونحن على يقين أنّ زيارتكم ستكون علامة نعمة ورجاء لكلّ اللبنانيين. لكنّ قلوب أبناء علما الشعب تختزن أمنية واحدة بسيطة، صادقة، وملحّة:
أن تشملنا بركتكم الأبوية.نحن مسيحيّو الأطراف الذين لطالما احتضنتهم الكنيسة، والذين أصرّ القديس يوحنا بولس الثاني على أن "لبنان رسالة"، ورسالتنا اليوم أن نثبت في أرضٍ مدمَّرة، محروقة، بلا كهرباء، بلا ماء، بلا بيوت… ولكن لا نزال واقفين لأنّ إيماننا أقوى من خرابنا.
إنّ حضوركم بيننا، حتى لو لدقائق قليلة، سيكون بلسمًا لأرواحنا، وقوّة لأهلنا كي يتمسّكوا بأرضهم، ورسالة واضحة للعالم بأنّ الأطراف ليست منسيّة، وأنّ المسيحيّين هنا، على الحدود، لا يزالون راسخين في أرضٍ روتها دموعهم وصلواتهم.نرجو من قداستكم التفضّل بالنظر في إمكانيّة زيارة بلدتنا المتواضعة، أو على الأقل إرسال كلمة أبوية خاصة لأهل علما الشعب، تعطيهم جرعة الرجاء التي يحتاجونها كي يكملوا الطريق".







