قضاء زغرتا والقاتل الصامت: تلوّث المياه واستفحال ازمة النفايات
"لا تقتل البيئة كي لا تقتلك"، إنها ليست مجرد عبارة تُقال إنّما هي خارطة طريق لضمان مستقبل الأجيال المقبلة، فالتلوث الذي يسبّبه الانسان لا بدّ أن ينعكس عليه و"ينقلب السحر على الساحر". بات التلوث في قضاء زغرتا يشكل خطرًا وجوديًا على أبنائها، مع تفاقم تلوث المياه واستفحال أزمة النفايات التي تهدد الصحة والبيئة على حد سواء.

ويتابع "كان ثمة مشروع مموّل من الاتحاد الأوروبي تم توقيعه في السراي الحكوميّ بين اتحادات بلديات زغرتا، بشري والكورة من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى لإنشاء معمل متطوّر لمعالجة النفايات، لكنّه أُلغي لاحقًا بسبب عدم التزام بعض المشاريع السابقة في لبنان بالمعايير المطلوبة، ونتيجة ذلك تراكمت النفايات وعجزت البلديّات عن تنفيذ خططها".
ويؤكد ان "جهود التعاون مع الجهات المانحة مستمرة، ويُتابع رئيس الاتحاد الحالي المهندس بسام هيكل العمل ضمن المتاح للوصول إلى حلول جذرية". ويشير الى ان "المواطن يتحمّل جزءًا من مسؤولية حماية الطبيعة والحدّ من التلوث".
اما عن "عرجس النموذجية" يقول "تبرز بلدتنا كنموذج ناجح بفضل حكمة المجلس البلدي رئيسًا وأعضاءً، والتعاون القائم بين البلدية وأهالي البلدة مقيمين ومغتربين وتنفيذ المشاريع الانمائية التي هي اولوية، ما ساهم بجعلها بلدة نموذجية حافظت على نظافتها وجمالها، كما انّ الانفتاح على الجهات المانحة والاستفادة من دعم المغتربين وتعزيز الثقة بين البلدية والأهالي تشكل عناصر أساسية لدفع عجلة التطوير".

ويوضح مسؤول في مصلحة مياه لبنان الشمالي – دائرة زغرتا بعض الاجراءات المتبعة ويقول "المصلحة تتحمّل مسؤولية إدارة مصادر مياه الشفة والري الأساسية، وهي تقوم بعمليات تعقيم دورية بالكلور السائل والغاز، حرصًا على تفادي أي تلوث محتمل".
ويتابع "المنطقة تعاني حاليًا من جفاف حاد نتيجة قلّة المتساقطات، الأمر الذي يخفّض منسوب الينابيع ويزيد من احتمالات التلوث"، مشدّدًا على أنّ "المصلحة ما زالت تسيطر على الوضع وتراقبه بشكل دقيق".
أمّا في ما يتعلّق بالأنهار والسواقي، فيشير إلى أنّ "وزارة الأشغال العامة بالتنسيق مع وزارتي الصحة والبيئة تقوم بادارة ومراقبة المجاري، إضافة إلى ضبط التعدّيات والمخالفات التي تشمل مخلّفات المزارع التي تُرمى في الأنهار من دون إنشاء مجاري مخصّصة لها ، فضلًا عن النفايات التي تُلقى في السواقي والأنهار والتي تنعكس سلبًا على نوعية المياه المستخدمة في الري، مما يعرّضها لأن تكون غير مطابقة للمعايير".
من المحرج ان تتكدس في منطقة زغرتا،النفايات فتنشر سمومها وروائحها الكريهة، بينما يستمر الرمي العشوائي في الأنهار والأودية وكأن أحدًا لا يرى. والأمر الأكثر فظاعة أنّ المياه التي كانت يومًا صافية ونقية أصبحت تحمل مخلّفات الحيوانات الآتية من المزارع، فتلّوث النهر وتشوّه المناظر الطبيعية التي لطالما تميّزت بها المنطقة.

وفي ملف النفايات، يحذّر من تفاقم أزمة مكبّ بشنين، لافتًا إلى "اجتماعات تُعقد في اتحاد البلديات لإيجاد حلول". ويشير إلى "وجود معمل فرز في رشعين وسيبدأ تشغيله قريبًا، فيما تُدرس خيارات كلفتها أكبر كالمحرقة أو تحويل النفايات إلى طاقة". ويؤكد أن "البلدية تتابع المخالفين بالإنذارات وترفع الملفات للوزارات المختصة"، معتبرًا أن "حماية البيئة تبدأ بالالتزام بالقانون أوّلا".

ويحذّر من تزايد تلوث نهر رشعين بسبب مرور خط الصرف الصحي في مجراه وتصريف المجاري ومخلّفات المزارع والنفايات فيه، ما يهدد المزروعات ويرفع معدلات أمراض مثل الكوليرا والتهاب الكبد A، إضافة إلى مخاطر البناء العشوائي فوق النبع، مشيرًا إلى ارتفاع كبير في نسبة السرطان مع تفاقم التلوث.
ويشير الى التعاون " مع الوزارات لتحسين شبكات الصرف الصحي وقساطل مياه الشفة، ونأمل الحصول على الدعم لإنشاء محرقة أو معمل لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة". ويختم "النجاح يحتاج إلى شراكة بين الدولة والبلديات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، إضافة إلى تشريع يسمح ببيع الطاقة المنتجة".

وتقول "الحل يبدأ بالفرز من المصدر، وتوفير مكبّات قانونية، وتطبيق القوانين البيئية، وحماية المجاري المائية، وتطوير محطات معالجة المياه، ومراقبة استخدام المبيدات. وهذه الخطوات ضرورية للحد من التلوث وحماية الموارد المائية".