جان جبران في التصرّف "أهْل بأهْل"
تبدو قضية إعفاء المدير العام السابق لمؤسسة مياه جبل لبنان وبيروت، جان جبران، ووضعه في تصرف وزير الطاقة جو الصدّي، لمن يدقق فيها، شكلاً على الأقل، قضية "أهل بأهل" و"جبيلية" بامتياز من جهة، وتتمة لفصل من حرب أهلية سياسية أوسع ما زالت تتجرجر بين حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، وتبرز أقوى كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية (المحتملة) في العام المقبل 2026.
في الشكل وليس المضمون: والدة جان جبران هي ابنة عم المرحوم حليم الحواط، والد النائب زياد الحواط، عضو كتلة "القوات". واللافت أن مجلس الوزراء عيّن مكان جبران بالتكليف، الموظف الثاني في المؤسسة، ربيع خليفة، وهو ابن عمة النائب زياد الحواط. كما أن هناك صلة قرابة بعيدة تربط خليفة بجبران.
والظاهر أن عملية الاستبدال دُبّرت في ليلٍ وعلى عجل، في الأسبوع الأول من آب، ولم يكُن وزير الطاقة مُطّلعاً تمامًا عليها. بدليل أن جان جبران أراد تقديم استقالته من منصبه على أساس أن لكل عهد رجاله، لكن الوزير رفض قبولها واستغرب الفكرة وطلب منه البقاء، ليفاجأ جان جبران بخبر وضعه في تصرف الوزير عبر وسائل الإعلام، قبيل اجتماع كان مقرراً في السرايا برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام، مع وزير الطاقة ولجنة إدارة المياه ومديري مؤسسات المياه.
والمثير للانتباه أن المأخذ الذي تردد همساً على جبران هو "سوء توزيع المياه"، حين أن خليفة، الذي كُلّف بالقيام بمهمّاته، هو مدير توزيع المياه! وأن المشكلة تكمن أساساً في شح المياه وليس في سوء التوزيع. ولا حديث حتى اليوم عن خطة لترشيد استهلاك المياه، احتياطاً في حال تأخر المطر حتى "الكوانين"، والدنيا جفاف.
إلا أن جوهر الموضوع يكمن في مكان آخر. فالمنصب الذي أداره جان جبران خدماتي بامتياز، مكّنه من اكتساب شعبية محلية، حيث زيّنت لافتات الترحيب والإشادة بخدماته طرق بلدات قضاء جبيل وقُراه. ويعاني "التيار الوطني الحر"، بقيادة الوزير السابق جبران باسيل، أزمة كثرة مرشحين للنيابة من صفوفه هناك، بعد خروج النائب سيمون أبي رميا من "التيار" ونيته الاستمرار في موقعه عبر تحالفات مختلفة. كان جان جبران يمثل منافساً محتملاً قوياً. وحزب "القوات"، تحت وهج نتائج الانتخابات البلدية التي حقّقها، يُحتَمل أن يتطلّع إلى الفوز بالمقعدَين المارونيّين في جبيل. لمَ لا؟