بدء العام الدراسي : اقساط خيالية وتعليم رسمي متعثر

بدء العام الدراسي : اقساط خيالية وتعليم رسمي متعثر

في الايام الاخيرة، ومع بدء العام الدراسي، علت الصرخة وشكاوى الاهالي مجددا مع ارتفاع الاقساط في المدراس الخاصة والتعثر وانخفاض عدد ايام التعليم في المدارس الرسمية. وكان لافتا ان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون  ولدى استقباله وفدا من اتحاد لجان الاهل في المدارس الخاصة تحدث عن ارتفاع الاقساط واصفا اياها بانها " غير مقبولة وغير مبررة". 

بعملية حسابية بسيطة، وصل قسط تلميذ في الصف التاسع بمدرسة خاصة مع الكتب المطلوبة إلى ما بين 2500 و3000 دولار سنويًا، لتصبح الزيادة  مقارنة بالعام الماضي نحو 500 دولار، وهو ما يعادل تقريبا راتب موظف كامل. 

الأهالي بين نارين 

وضع كارلوس كوضع الكثير من الأهالي. يعمل ثلاث وظائف ليستطيع تأمين حاجات عائلته المكونة من أربعة أفراد. كان أولاده العام الماضي في مدرسة خاصة علمانية في شمال لبنان تعتبر أقساطها مقبولة وكان بالكاد قادرا على سدّ الاقساط.  يقول" كنا نعتقد ان الاقساط لن تزيد كثيرًا هذا العام ولكن عندما نشرت المدرسة اللائحة فوجئت والصدمة الأكبر كانت أنهم غيّروا كل الكتب. فلا أستطيع الاستفادة من بيع الكتب المستعملة. ولم يكتفوا بذلك بل بدأوا أيضا ب"ترند" جديد اسمه ايجار الكتب الأجنبية من المدرسة "RENT" فلا يمكن حتّى استرجاع اي مبلغ من المدفوع لأننا لا نستطيع بيعها عند الانتهاء منها."

واضاف،" اللباس الرسمي ايضاً يتغير كل سنتين او ثلاثة، والأسعار تنافس الماركات العالمية." وختم، "سجّلت أولادي هذا العام في مدرسة رسمية حتّى لو لم تكن بالمستوى  نفسه ولكن الخاصة أصبحت تجارة بكل معنى الكلمة".

أقساط المدارس الخاصة

لكل مدرسة خاصة "موّالها". الأقساط تختلف في شكل كبير بين مدرسة وأخرى، وعلامات الاستفهام تتركّز حول اسباب هذا الارتفاع، وحول أسعار الكتب التي تبدأ من 300 دولار في لائحة تُفرض على الأهل من مكتبة المدرسة نفسها، اضافةً إلى لائحة كتب من المكتبات. وهنا  السؤال: أيّ قانون لبناني يسمح ببيع الكتب داخل حرم المدرسة؟ 

القانون رقم 515 الصادر في 6 حزيران 1996 ينصّ بوضوح على منع ذلك. ومع ذلك، لا رقابة تُذكر ولا محاسبة على المخالفات.

يقول الامين العام المدراس الكاثوليكية الأب يوسف نصر،  أنّ زيادة الأقساط تعود إلى تصحيح رواتب المعلّمين منذ عام 2022، وتطبيق القانون 12 وملحقاته بالقانون 5/2025، وما رافقه من أعباء إضافية على المدارس والمعلمين، الذي ألزم المدارس بالتصريح عن كل ما تقدّمه للأساتذة، ما يخلق أعباء جديدة "تنعكس على الأقساط، كما يتحمّل المعلّم جزءاً من الكلفة، ما أوجب على المدرسة أن تعوّضه".

أما في ما خصّ أسعار الكتب، فشدّد على أنّ إدارات المدارس لا علاقة لها بها بأي شكل من الأشكال، موضحاً أنّ "هناك وزارة اقتصاد، نضع الأسعار بالتنسيق معها، وليس لنا علاقة لا من بعيد ولا من قريب". وأكد أنّ واجب المدرسة يقتصر على البحث عن الكتاب الجيد الذي يضمن نوعية التعليم وجودته التي لا تجده إلا بالكتب الأجنبية، معتبراً أنّ "المنهج اللبناني أصبح قديماً ويُدرّس بطرق بدائية".

وختم الأب نصر بالتشديد على ضرورة أن تعتمد المدارس الخاصة سياسات اجتماعية وتفعّل مكاتبها لاستيعاب الطبقة الفقيرة، مؤكداً أنّ "كل مدرسة لا تقوم بذلك لا تمارس التربية".

من جهته علّق  عضو المجلس التنفيذي في نقابة المعلمين باتريك رزق الله، على ارتفاع اقساط المدارس الخاصة وقال  "بعض المدارس حافظت على اقساط طبيعية ولكن البعض الآخر في بيروت وجبل لبنان رفع إلى مستوى مستغرب". وناشد لجان الأهل، "ان تقوم بدورها داخل المدرسة."  وقال " مرت ست سنوات  على الأزمة الاقتصادية،  وكان هناك خطة ان تعود رواتب المعلمين إلى ما كانت عليه تدريجيًّا لتعود إلى ١٠٠٪؜ بالدولار الاميركي ولكن لم يحدث هذا في كل المدارس الخاصة". واضاف"آن الأوان ان يستعيد الأستاذ قيمة راتبه في ظل هذا الارتفاع بالأقساط وان تستعيد هذه المهنة عافيتها."

اوضاع المدارس الرسمية

في التعليم الرسمي، الوضع "حدّث ولا حرج". المدارس تفتح أبوابها أربعة أيام في الأسبوع فقط، وسط نقص كبير في التدفئة، المرافق، والكوادر التعليمية. ولا يمكن تحميل الأساتذة المسؤولية، فإمكانات الدولة لا تسمح بزيادة رواتبهم مقابل يوم إضافي، وبالطبع لن يعملوا مجانًا.

رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي الدكتور حسين جواد  أوضح أنّ العديد من المدارس الرسمية غير جاهزة لاستقبال الطلاب لأسباب أمنية أو هندسية أو بسبب الاكتظاظ". أما لجهة  الأربعة أيام تعليمية في الأسبوع، فقال: "الموضوع مطروح منذ تولي الوزير عباس الحلبي وزارة التربية، وعندما طرحت الوزيرة الحالية  ريما كرامي العودة الى خمسة أيام تعليم، عدنا وشرحنا لها الوضع وسألناها هل تغير واقع وراتب المعلم؟  ولان لا قدرة على زيادة الرواتب لذلك بقيت الأمور على  ما هي عليه وبقي التعليم لأربعة أيام."

ولفت الى ان  "تطور اللقاءات مع المسؤولين في اتجاه تحسين الرواتب هو الذي يحدد مصير العام الدراسي."

وكشف انه في  "العام الماضي، انتقل نحو عشرة في المئة من الطلاب ؜ من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، وزاد عدد الطلاب ١٠ إلى ١٢ ألف طالب في المدارس الرسمية."

وتعليقًا على لقاء  عون ووفد اتحاد لجان الاهل قال "كرئيس للدولة يحق له التدخل بالشاردة والواردة وبكل التفاصيل واعطى كل الأولية للتعليم، أمّنّاه له على ارواحنا وحياتنا كيف لنا ان لا نؤمنه على مواكبة المسار التربوي. ومطلوب سياسة حكومية تتدخل وتضع سقفًا للأقساط" كما دعم "المدارس الرسمية لتستطيع ان تنافس المدارس الخاصة". 

اقرأ المزيد من كتابات جاكي مرعب