يوميات مواطن غبيّ

طاط ... طااااااط...

أنا اليوم أتمتّع بعنويّات مرتفعة... مرتفعة جدًّا. لأنّي، ولو لمرّة، طلعت راس مع صديقي عبّودي.

بالمدرسة، عبّودي كان الطشّ وأنا دايمًا الأوّل.

تبيّنلي مع الإيّام إنّو الإنسان ممكن يرجع لورا،متلي... وممكن يتقدّم لقدّام، متل عبّودي. 

عبّودي كبر وصار مواطن مضاعف، دوبل... هاجر، دبّر حالو... صار مغترب. عاش برّا وتملّك: باسبور وتوابعو...

مبارح فاجأني عبّودي بزيارتة لربوع الوطن... وربوعي! 

تباوسنا وحكينا ذكريات وتوابعو...

وكلّ ما نحكي بموضوع شوف حالي أنا الطشّ وعبّودي الأوّل.

إلّا موضوع واحد ما كان يقدر عبّودي المغترب يللي عايش برّا يفهمو ولا يفهم دوافعو

 وفوايدو: الزمّور.

عبّودي ما كان يفهم ليش نحنا "هاون بالبلاد "، وهيدي لهجتو، ليش هلقد منزمّر!

ولو يا عبّودي... السيّارات لمّا يحطّوا فيها شي، لازم يُستعمل... الزمّور من ضمن الزوايد شي؟

نو... الزمّور ضروري... أصلًا إسمو بالعربي: منبّه! إنّو، بينبّه... متل القهوة والشاي والساعة يللي بتوعّيك الصبح... 

الزمّور لغة بحدّ ذاتها... إنتو ببلاد الباسبور بتتعلّموا إنّو الضو أسرع من الصوت صحّ؟

نحنا أثبتنا العكس... إذا واقف عإشارة السير الحمرا، بتسمع زمّور السيّارة يللي وراك 

وبعدين... بتشوف الضوّ الأخضر: بتسمع ومن ثَمّ َ بتشوف! ثمّ، بالفتحة عبّودي!

صفن عبّودي! حسّيتو عم يرجع عالصفّ هو الطشّ وأنا الأوّل . لنّصت:

لمّا تكون بعجقة سير ..السير واقف كلّيًّا ..يعني ما فيك تزيح سنتي، بتجي رح تغفى، خاصّةً إذا شوب... شو يللي بينبّهك تا ما تغفى؟ منبّهات السيّارات! كلّها...

وكلّ سيّارة بنغمة... بتكون عم تسكع: طاط طاط... طاطاطاط... بتصير مع كلّ طاطاية تنقز، بتتنبّه كلّ أعصابك وما بيعود في خطر تغطّ.

صفن عبّودي أكتر... قلت أنا خلص اضربو القاضية!

وأهمّ شي بالزمّور يا عبّودي هو الزمور تحت الشبابيك، تحت البلاكين:

بدّك تعلن للأهل إنّك وصلت: زمّور تاتاتا 

انزلو احملو غراض معي: تاتاتاتاتاتاتتاااااااااا

مين يللي صافف مطرحي؟ تاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا تاااااااااااااااااااااااااااااا

وأجمل وأفيد أنواع الزمامير تحت البيوت هو الزمّور الليلي: متلًا، ابن جيرانك الشاب كيف بدّو يطمّن الوالدة إنّو رجع من السهرة بخير وسلام؟ من أوّل الحارة بيبلّش يزمّر زمّور خاصّ بالمناسبة ويمكن مسجّلو بإسمو حصري بوزارة الاقتصاد.

شاب عم يلفي على صبيّة من الحارة كيف بدّو ينبّها إنّو انزلي تا نروح عالسهرة  بلا ما يعرفو أهلها: تاتا تاتا تاتا تات...

صفن عبّودي أكتر، قلت أنا قنعتو... أفحمتو... ولو لمرّة في غبي غيري... بس لمّا قلّي عبّودي: ليه ما بتتشكّوا للبوليس؟ ولفظها متل الأجانب، استحيت قلّو إنّي عملت هالشي مرّة الساعة تنين بعد نصّ ليل وإنّو إجو البوليس... الساعة أربعة الصبح من بعد ما رجعت غطّت عيني... إجو... ودوّرو زمّور الدوريّة مباشرة تحت شبّاك أوضتي...

ملاحظة: ما حكيتو لعبّودي عن فوايد الزمّور الخاصّة بالانتماءات الوطنيّة، طبعًا لأنّي مواطن ما بفهم بالسياسة وهيدي صفة أساسيّة للمواطن الغبي!

 

..................

 

اقرأ المزيد من كتابات كميل سلامة