رواية عسكريّ عاد الى الدوام الرسمي
جنود من الجيش في تدريبات (مديرية التوجيه)
لم يكن قرار العودة الى الدوام الرسمي السابق مفاجئًا للعسكريين في الخدمة الفعلية اذ تم تداول شائعات في الفترة الاخيرة، عن احتمالات العودة الى النظام الذي كان معتمدًا سابقًا. أعادت القوى الامنية، الخدمة السابقة للعناصر والضباط أي العودة للدوام الكامل، او شبه الكامل، بعدما كانت خدمتهم تقتصر على ثلاثة أيام كحدّ أقصى، منذ ان بدأ الانهيار المالي وتدّنت قيمة رواتب العسكريين الى ما بين خمسين وسبعين دولار، بعدما كان يناهز الالف دولار. والقرار بزيادة الدوام يشمل الجيش وكافة القوى الامنيّة الاخرى من امن عام وقوى امن داخلي.
يروي أحد العسكريين، وتتشابه روايات الجنود والعناصر من كل القوى الامنية، تفاصيل الواقع الحالي الذي يعيشه وزملاؤه، اذ يعتبر ان القرار الأخير سوف يؤثر عليهم في شكل مباشر خصوصًا بعد مرور سنوات اعتادوا خلالها على الدوام الجديد ونظمّوا حياتهم بناء عليه. يوضح الجندي ان الأمر ليس عدم الرغبة بالقيام بالمسؤوليات المتوجبة عليهم أو التهرّب من العمل والدوام، بل أن الوضع الحالي بالنسبة اليهم، اختلف عمّا كان سابقًا، بعدما اضطر معظم العسكريين للعمل في وظائف اخرى لاعالة عائلاتهم وتأمين متطلبات الحياة. ويشرح الجندي لم يكن يرغب يومًا بالعمل خارج وظيفته، بل أنه يتمنى أن تعود الرواتب الى ما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية ليتوقف عن العمل الثاني الذي يتعبه.
لم يكن العمل الاضافي للعسكريين خيارًا، فضرورة ايجاد مصدر آخر للمال أجبرهم على العمل خصوصًا بعد ارتفاع الاسعار الذي رافق الانهيار الاقتصادي. يظهر التعب الجسدي والنفسي في شكل واضح على العسكريين فالجهد الذي يبذلونه للعمل في وظيفتين مضاعف ولا سيما عدم الاستقرار الذي يعيشونه، ما يؤثر بطبيعة الحال على عملهم ولا سيما في المجالات الخطرة والميدانية لدى الاجهزة الامنية. يشرح الجندي انه يعمل حاليًا، لمدة تترواح بين ستة عشر ساعة والعشرين ساعة يوميًا، لعدم التغيّب عن أي من الوظيفتين وتأمين ساعات العمل المطلوبة.
ينقل الجندي قصصًا عن لسان بعض زملائه التزامهم في شركات مهمة وتوقيعهم عقود تُلزمهم بالعمل لعدد معيّن من الأيام وتفرض عليهم مسؤوليات. ويعتبر هؤلاء العسكريين ان قرار العودة الى الدوام السابق سيجبرهم على الاختيار بين الوظيفتين لا سيما ان راتب وظيفة واحدة منهما لا يكفي لتأمين الحاجيات الاساسية. علمًا ان بعض المؤسسات الامنية عدّلت بعض الشيء رواتب العناصر الامنية، بين راتب اساسيّ ومساعدات عينيّة، اما الجيش فيتلقى عناصره مساعدات مالية مباشرة لكنها محدودة.
واذا كانت المهام الامنية المطلوبة والحاجات العسكرية تفرض نظام دوام يوميّ، وهو اقلّ الايمان في بلد يحتاج الى جهود كل الاجهزة الامنية، الا انه في المقابل فان ثمة واجبات من المؤسسات الامنية تجاه عناصرها في اعادة ترتيب حياتهم ورواتبهم بما يتناسب مع كل المتطلبات الحياتية. تقول احدى الامّهات في احد الاسلاك الامنية، لا يجب ان ننسى" العناصر النسائية اللواتي برمجن حياتهن مع اولادهن ودوام المدراس والحضانات والنظام الذي كان متبعًا في السنوات الاخيرة. اليوم تبدّلت الاولويّات، وهذا يفترض كذلك مراعاة لظروف العناصر الامنية والعسكرية، فلا تُفرض القوانين دفعة واحدة، من دون الاخذ في الاعتبار ضرورة اعادة النظر في اوضاع العسكريين من كافة الرتب".