احتفالية البابا الاولى: تقديس شابين واستعادة ثقة الجيل الجديد

القديس الشاب كارلو مرفوعا في ساحة الفاتيكان (موقع الفاتيكان)
الاحتفالية الاولى للبابا ليون الرابع عشر، بعد تنصيبه وقداسه الاول، جاءت علامة جديدة في المسار الذي يخطه في حبريته. صحيح ان اعلان قداسة طوباويين شابين، ليس وليد الاشهر القليلة الماضية، فطريق القداسة طويلة ومتعددة الخطوات والابحاث والتحقيقات وتحتاج سنوات احيانا طويلة. لكنها ايضا مناسبة اساسية يطل بها البابا على الجيل الشاب في كل انحاء العالم. اذ تعوّل عليه الكنيسة الكاثوليكية، وتعمل على استعادة الثقة به بعد الخضات التي شهدتها الكنيسة، والاختلافات في الرأي حول قضايا شائكة كالمثليين والاجهاض. وهو في عظته وجه رسالته اليهم داعيا اياهم الى عدم افساد حياتهم والتمثل بالرسائل التي حملها القديسان الشابان.
لهذا يمكن التعامل مع الحدث الكنسي ليس بوصفه معزولا عن الرغبة في التوجه الى الشباب الكاثوليكي عبر العالم، من خلال اعلان قداسة الشاب الايطالي بيار جورجيو فراساتي في الرابعة والعشرين من عمره، وكارلو اكيتوس وهو في الخامسة عشر من عمره، البريطاني المولد، لكنه عاش وتوفي في ايطاليا وجثمانه لا يزال على حاله مسجى في منطقة اسيزي، التي يؤمها المؤمنون لزيارة القديس فرنسيس.
رغم تشابه قصة القديسين الجديدين، بحياتهما الايمانية، الا ان الشاب اليافع ذي الضحكة العريضة والشعر المجعد، وفي لباسه الرياضي وحقيبة ظهره التي اصبحت علامته، اكتسب ثقة الشباب الكاثوليكي، واعاد تنشيط اللقاءات الشبابية في عدد من الدول التي شهدت حمى قديس الجيل الجديد، وكذلك الحج الى مدفنه الذي بات يؤمه الالاف.
القديس الاول توفي عام 1925، وهو سليل عائلة ثرية ووالده صاحب ومؤسس صحيفة لاستبما الايطالية، وعرف ايضا باعماله الانسانية والتزامه الديني. اما القديس المراهق الذي يمثل جيلا باكمله، فقد توفي عام 2006 ، ما يعني ان معاصريه ورفاقه لا يزالون يشهدون على مسار حياة يومية خبروها معه. وهو ايضا ولد من عائلة ثرية ووالده مصرفي. وفي الاحاديث التي ادلت بها والدته(وليس امرا عاديا ان تشهد والدة تقديس ابنها في الفاتيكان) تفاصيل مسهبة عن الطفل الذي كان يؤم القداس يوميا، وعن اعمال الاحسان التي كان يقوم بها والخدمة الاجتماعية، اضافة الى استخدامه العالم الالكتروني وشبكة الانترنت من اجل التبشير الكاثوليكي وايصال الرسالة المسيحية الى اكبر عدد من الشباب، مدركا تماما اخطار الشبكة الالكترونية بكل دهاليزها ومطباتها.
في الخامسة عشر من عمره ومع اعجوبتين مثبتتين، كما حال بيار فراساتي، وهو ما تتطلبه دعاوى القديسين، سلك كارلو طريق التقنيات الحديثة، لكنه ايضا انحاز الى اعمال الاحسان وهو ما ركز عليه البابا ليون في عظته عن التشابه في الخدمة الاجتماعية بين القديسين. الرياضي الذي يتسلق الجبال ويمارس التزلج وله لقطات فيديو يتحدث فيها عن الايمان وعن اعمال الاحسان، اراده البابا فرنسيس ومن ثم البابا ليون الرابع عشر، امثولة تختصر رؤية الكنيسة للجيل الجديد الذي وان اختبر عالم التطور التكنولوجي قادر في الوقت نفسه على ايلاء الشأن الروحي الاهمية اللازمة بتطبيقه تعاليم الكنيسة. هذه الرسائل تعبر عن الرغبة في ابقاء التقليد الكنسي عن طريق التمسك بحضور القداديس كما عبر البابا بنفسه امس، وفي الوقت ذاته الانفتاح من خلال تقديم صورة شاب معاصر رياضي وضاحك، الى العالم اجمع، قادر على اجتذاب الابتسامة والتمسك بالايمان، رغم الالم الذي مر به والمعاناة من مرض السرطان.